لا بيهديهم ، أو بمحذوف حالا من الصراط ، والمعنى يهديهم الله صراطا مؤديا اليه تعالى.
المعنى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً). تعرضت الآيات السابقة لمحاجة اليهود والنصارى ، وبعد أن أقام سبحانه الحجة على الجميع دعا الناس عامة الى الإيمان بمحمد (ص) والقرآن الكريم ، فقد اتفق المفسرون على ان المراد بالبرهان محمد ، وبالنور المبين القرآن ، وكل من سنة محمد وكتاب الله برهان قاطع على احقاق الحق ، وإبطال الباطل ، ونور ساطع يهدي للتي هي أقوم ، لأنهما ينطقان بالوحي عن الله ، لا عن سواه : (قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) ـ ٩ الأحقاف» .. (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ـ ٣١ آل عمران».
أما الدليل على انهما وحي من الله ، وانهما برهان ونور فلا يتلخص بكلمات تقال في تفسير آية من الآيات ، وقد وضع المتخصصون فيه مئات الكتب ، وذكرنا الكثير مما جاء فيها في مطاوي هذا التفسير ، وسنذكر أيضا الكثير كلما دعت المناسبة ، وعلى طالب الحق ان يبحث ويتتبع .. أجل ، شيء واحد نسأل هذا الطالب ان لا يذهل عنه ، وهو أن يقارن بين تعاليم القرآن ، وتعاليم غيره من كتب الأديان .. وأيضا يقارن بين تاريخه وتاريخها ، والمراحل التي مرت بها عبر القرون والأجيال .. ويبحث أيضا بصورة خاصة عن عدد الأناجيل واشتهارها ، وكم كانت في القرن الأول والثاني الميلاديين؟ ولما ذا انعقد المجمع المسكوني في نيقية سنة ٣٢٥ م الذي ضم ألفين وأربعين أسقفا يمثلون جميع الكنائس في العالم المسيحي؟ وما ذا تم في هذا المجمع؟ وهل اتفق جميع الأساقفة على ان عيسى إله ، أو ان فئة منهم قالت : انه بشر مخلوق ، وأخرى قالت : هو إله؟ وهل تعرض هذا المجمع للعنصر الثالث روح القدس ، وأتى على ذكر ألوهيته ، أو ان الذي أقر ألوهية هذا العنصر هو المجمع الذي انعقد في القسطنطينية