٦ ـ أن يصادق المسلم الكافر ، لأسباب عادية ، ومألوفة ، كالجوار ، وتلاؤم الأخلاق ، والزمالة في الدرس ، والمشاركة في المهنة ، أو في التجارة ، وما اليها مما لا يمس بالدين .. وهذه الصداقة جائزة أيضا بالإجماع ، لأن مودة الكافر انما تكون حراما إذا استدعت الوقوع في الحرام ، أما إذا لم تكن وسيلة للمعصية فلا تحريم ، بل قد تكون راجحة إذا عادت بالنفع والخير على بلد من البلدان ، أو أي انسان كان ، بل ان الله سبحانه أمر بالحب والالفة والتعاون بين الناس أجمعين من غير نظر الى دينهم وملتهم ، قال سبحانه : (عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ. لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ـ الممتحنة ٨.
ونحن لا نشك ان في (الكافرين) من هو أحسن سيرة وأنبل خلقا ـ من حيث الصدق والأمانة والوفاء ـ ، أحسن بكثير من الذين نسميهم ويسمون أنفسهم (مسلمين) وان صداقته خير للانسانية والصالح العام من العملاء الخونة الذين يتظاهرون بالدين والإسلام .. وألف صلاة وسلام على من قال : القريب من قربته الأخلاق .. رب قريب أبعد من بعيد ، ورب بعيد أقرب من قريب.
وهذه حقيقة يدركها الإنسان بفطرته وينساق معها بغريزته من غير شعور.
يبتدئ تاريخ التقية بتاريخ الإسلام يوم كان هذا الدين ضعيفا .. وبطلها الأول الصحابي الشهير عمار بن ياسر ، حيث أسلم هو وأبوه وأمه ، وعذبوا في سبيل الله ، فاحتملوا الأذى والعذاب من غير شكاة .. مر رسول الله بآل ياسر ، وهم يعذبون ، فلم يزد ياسر على ان قال : الدهر هكذا يا رسول الله. فقال النبي (ص) : صبرا آل ياسر ، فان موعدكم الجنة ، وكان ياسر وامرأته سمية أول شهيدين في الإسلام.
وأكره المشركون عمارا على قول السوء في رسول الله ، فقاله دفعا للضرر