وأحسنتها وتركت الفريضة وضيعتها؟ فقال : يا هذا إن لي عذرا وبي علة منعتني عن الصلاة ، قلت وما هي؟ فقال : أنا رجل عليّ دين اختفيت في منزلي مدة بسببه ، ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل أن تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له الدين علي ورائي ، فمن خوفه أحدثت في ثيابي فهذا خبري. فأسألك بالله إلا سترت علي وكتمت أمري ، قال فقلت : ومن الذي له عليك الدين؟ قال دعلج بن أحمد ، قال وكان إلى جانبه صاحب لدعلج قد صلى وهو لا يعرفه ، فسمع هذا القول ، ومضى في الوقت إلى دعلج فذكر له القصة ، فقال له دعلج : امض إلى الرجل واحمله إلى الحمام ، واطرح عليه خلعة من ثيابي ، وأجلسه في منزلي حتى أنصرف من الجامع ، ففعل الرجل ذلك ، فلما انصرف دعلج إلى منزله أمر بالطعام فأحضر. فأكل هو والرجل ، ثم أخرج حسابه فنظر فيه ، وإذا له عليه خمسة آلاف درهم ، فقال له : انظر لا يكون عليك في الحساب غلط ، أو نسى لك نقد ، فقال الرجل لا ، فضرب دعلج على حسابه وكتب تحته علامة الوفاء ثم أحضر الميزان ووزن خمسة آلاف درهم وقال له : أما الحساب الأول فقد حللناك مما بيننا وبينك فيه ، وأسألك أن تقبل هذه الخمسة آلاف درهم وتجعلنا في حل من الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك إيانا في مسجد الجامع ، أو كما قال.
حدّثني أبو منصور محمّد بن أحمد العكبري حدّثني أبو الحسين أحمد بن الحسن الواعظ قال : أودع أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشميّ عشرة آلاف دينار ليتيم ، فضاقت يده وامتدت إليها ، فأنفقها ، فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال أمر السلطان بفك الحجر عنه ، وتسليم ماله إليه ، وتقدم إلى ابن أبي موسى بحمل المال ليسلم إلى الغلام ، قال ابن أبي موسى : فلما تقدم إلي بذلك ضاقت علي الأرض بما رحبت وتحيرت في أمري ، لا أعلم من أى وجه أغرم المال ، فبكرت من داري وركبت بغلتي وقصدت الكرخ لا أعلم أين أتوجه ، فانتهت بي البغلة إلى درب السّلوليّ ووقفت بي على باب مسجد دعلج بن أحمد ، فثنيت رجلي ودخلت المسجد وصليت خلفه صلاة الفجر. فلما سلم انفتل إلي ، فرحب بي ، وقام وقمت معه ، ودخل إلى داره ، فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها هريسة. فقال : يأكل الشريف فأكلت وأنا لا أحصل أمرى ، فلما رأى تقصيري قال : أراك منقبضا ، فما الخبر؟ فقصصت عليه القصة ، وإني أنفقت المال ، فقال كل فإن حاجتك تقضى ، ثم أحضر حلواء فأكلنا ، فلما رفع الطعام وغسلنا أيدينا قال : يا جارية افتحي ذلك الباب فإذا خزانة مملوءة