أخبرني محمّد بن عبد الوهّاب الصغير حدّثنا أحمد بن إبراهيم حدّثنا أحمد بن محمّد بن المغلس حدّثنا سعيد بن يحيى الأموي حدّثني عبد الله ـ يعني ابن سعيد عمه ـ عن زياد ـ وهو البكائي ـ قال حدّثنا المجالد بن سعيد حدّثني الشعبي أخبرني زحر بن قيس الجعفي. قال : بعثني علي على أربعمائة من أهل العراق ، وأمرنا أن ننزل المدائن رابطة ، قال : فو الله إنا لجلوس عند غروب الشمس على الطريق ، إذ جاءنا رجل قد أعرق دابته ، قال فقلنا من أين أقبلت؟ فقال من الكوفة ، فقلنا متى خرجت؟ قال اليوم ، قلنا فما الخبر؟ قال خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة ، صلاة الفجر ، فابتدره ابن بجدة ، وابن ملجم ، فضربه أحدهما ضربة ، إن الرجل ليعيش مما هو أشد منها ، ويموت مما هو أهون منها ، قال ثم ذهب. فقال عبد الله بن وهب السبائي ـ ورفع يده إلى السماء ـ الله أكبر ، الله أكبر ، قال قلت له ما شأنك؟ قال لو أخبرنا هذا أنه نظر إلى دماغه قد خرج عرفت أن أمير المؤمنين لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ، قال فو الله ما مكثنا إلا تلك الليلة حتى جاءنا كتاب الحسن بن عليّ : من عبد الله حسن أمير المؤمنين إلى زحر بن قيس ، أما بعد فخذ البيعة على من قبلك. قال فقلنا أين ما قلت؟ قال : ما كنت أراه يموت.
وقيل إن اسمه زبد بالباء المنقوطة بواحدة ، والأول أثبت. قال الأصمعي : كان أبو دلامة عبدا وقد رأيته مولدا حبشيا صالح الفصاحة.
قلت : وكان أبو دلامة في صحابة أبي العبّاس السفاح ، وأبي جعفر المنصور وأبي عبد الله المهديّ ، ويقال : إنه بقي إلى أول خلافة الرشيد ، وقيل لم يبلغها. وله معهم أخبار كثيرة ، وكان مطبوعا ، كثير النوادر في الشعر ، وكان صاحب بديهة ، يداخل الشعراء ويزاحمهم في جميع فنونهم ، وينفرد في وصف الشراب ، والرياض وغير ذلك ، بما لا يجرون معه فيه.
أخبرنا عليّ بن الحسين ـ صاحب العبّاسي ـ أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل حدّثنا الحسين بن القاسم الكوكبي حدّثنا أبو العيناء محمّد بن القاسم أخبرني أحمد ابن إبراهيم بن إسماعيل. قال : كان اسم أبي دلامة الزند بن جون ، وكان أعرابيا ،
__________________
٤٦٠٦ ـ انظر : المنتظم ، لابن الجوزي ٨ / ٢٥١. ووفيات الأعيان ١ / ١٩٠. ومعاهد التنصيص ٢ / ٢١١. والشعر والشعراء ٣٠٠. والأعلام ٣ / ٥٠.