أنبأنا عليّ بن أبي علي البصريّ ، أخبرني أبي قال : حدّثني أبو الحسن محمّد بن عمر القاضي قال : حملني خالي معه إلى الحسين بن منصور الحلاج ، وهو إذ ذاك في جامع البصرة يتعبّد ويتصوف ويقرأ قبل أن يدعي تلك الجهالات ، ويدخل في ذلك وكان أمره إذ ذاك مستورا ، إلّا أن الصّوفيّة تدعي له المعجزات من طريق التصوف وما يسمونه مغوثات ، لا من طريق المذاهب. قال : فأخذ خالي يحادثه وأنا صبي جالس معهما أسمع ما يجرى ، فقال لخالي : قد عملت على الخروج من البصرة ، فقال له خالي : لم؟ قال : قد صير لي أهل هذا البلد حديثا ، فقد ضاق صدري وأريد أبعد منهم ، فقال له مثل ما ذا؟ قال : يروني أفعل أشياء فلا يسألوني عنها ، ولا يكشفونها ، فيعلمون أنها ليست كما وقع لهم ، ويخرجون فيقولون : الحلاج مجاب الدعوة وله مغوثات ، قد تمت على يده ألطاف ومن أنا حتى يكون لي هذا؟ بحسبك أن رجلا حمل إليّ منذ أيام دراهم وقال لي اصرفها إلى الفقراء فلم يكن بحضرتي في الحال أحد ، فجعلتها تحت بارية من بواري الجامع إلى جنب أسطوانة عرفتها ، وجلست طويلا فلم يجئني أحد ، فانصرفت إلى منزلي وبت ليلتي ، فلما كان من غد جئت إلى الأسطوانة وجعلت أصلي. فاحتف بي قوم من الفقراء ، فقطعت الصلاة وشلت البارية فأعطيتهم تلك الدراهم ، فشنعوا عليّ بأن قالوا : إني إذا ضربت يدي إلى التراب صار في يدي دراهم. قال : وأخذ يعدد مثل هذا ، فقام خالي عنه وودعه ولم يعد إليه وقال : هذا منمس وسيكون له بعد هذا شأن ، فما مضى إلا قليل حتى خرج من البصرة وظهر أمره.
حدّثني أبو سعيد السجزي ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن عبيد الله الصّوفي الشّيرازيّ قال : سمعت أبا الحسن بن أبي توبة يقول : سمعت عليّ بن أحمد الحاسب قال : سمعت والدي يقول : وجهني المعتضد إلى الهند لأمور أتعرفها ليقف عليها ، وكان معي في السفينة رجل يعرف بالحسين بن منصور ، وكان حسن العشرة طيب الصحبة ، فلما خرجنا من المركب ونحن على الساحل والحمالون ينقلون الثياب من المركب إلى الشط فقلت له : أيش جئت إلى هاهنا؟ قال : جئت لأتعلم السحر ، وأدعو الخلق إلى الله تعالى ، قال : وكان على الشط كوخ وفيه شيخ كبير ، فسأله الحسين بن منصور : هل عندكم من يعرف شيئا من السحر؟ قال : فأخرج الشيخ كبة غزل وناول طرفه الحسين بن منصور ، ثم رمى الكبة في الهواء فصارت طاقة واحدة ، ثم