وأمّا الثالثة : فحين ميّز الله الطاهرين من خلقه ، فأمر نبيه صلىاللهعليهوآله بالمباهلة بهم في آية الابتهال فقال عزّ وجلّ : ( قل ) (١) يامحمد : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (٢) ، فأبرز (٣) النبي صلىاللهعليهوآله علياً والحسن والحسين وفاطمة وقرن أنفسهم بنفسه ، فهل تدرون ما معنى قوله تعالى : ( وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ) ؟
قالت العلماء : عنى به نفسه ، فقال أبو الحسن عليهالسلام : غلطتم إنّما عنى بها علي بن أبي طالب عليهالسلام ، ومما يدلّ على ذلك قول النبي صلىاللهعليهوآله حين قال : لتنتهينّ بنو وليعة (٤) أو لأبعثنّ إليهم رجلاً كنفسي يعني علي بن أبي طالب ، وعنى بالأبناء الحسن والحسين ، وعنى بالنساء فاطمة عليهاالسلام ، فهذه خصوصيّة لا يتقدّمهم فيها أحد وفضل لا يلحقهم فيه بشر وشرف لا يسبقهم إليه خلق ، ان (٥) جعل نفس علي كنفسه ، فهذه الثالثة.
وأمّا الرابعة : فاخراج(٦) الناس من مسجده ما خلا العترة حتّى تكلّم الناس في ذلك وتكلّم العبّاس ، فقال : يارسول الله تركت علياً فأخرجتنا ؟
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما أنا تركته وأخرجتكم ، ولكن الله تركه وأخرجكم ، وفي هذا تبيان قوله صلىاللهعليهوآله لعلي : أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، قالت العلماء : فأين هذا من القرآن ؟ قال أبو الحسن : أوجدكم في ذلك قرآناً أقرأه عليكم ؟ قالوا : هات ، قال : قول الله عزّ وجلّ : ( وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً ) (٧) ففي هذه الآية منزلة هارون من موسى ، وفيها أيضاً منزلة علي من رسول الله صلىاللهعليهوآله ( حين قال : أنت منّي منزلة هارون ) (٨) ، ومع هذا
__________________
(١) ليس في العيون. |
(٢) آل عمران : ٦١. |
(٣) في العيون : برز. |
(٤) وليعة ـ كسفينة ـ حيّ من كِندة. |
(٥) في العيون : إذ. |
(٦) ليس في العيون. |
(٧) يونس : ٨٧. |
(٨) من العيون. |