(عليهالسلام) : «كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» (١). قال : على انا لا نعني بالبراءة الأصلية عدم التكليف بالكلية ، لظهور فساده بما استفاض في الاخبار انه لا حكم من الأحكام الا وقد ورد فيه خطاب شرعي ، وانما نعني بها عدم تعلق التكليف بنا وأصالة براءة الذمة منه ، لعدم الوقوف على دليله ، إذ لا تكليف إلا بعد البيان. ولعين ما تقدم من الاخبار المشار إليها في المعنى الأول من معاني البراءة الأصلية. وأجاب بتخصيص الشبهة والتثليث في الأحكام بما تعارضت فيه الاخبار ، واما ما لم يرد فيه نص فليس من الشبهة في شيء ، وعلى تقدير تسليم كونه شبهة وشمول تلك الاخبار له يخرج بالأخبار الدالة على ان
«كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي» ونحوه.
وما ذكره (قدسسره) محل نظر ، أما الآية المذكورة فالجواب عنها (أولا) ـ ما عرفت في المقام الأول من ان محل الاستدلال من القرآن العزيز هو ما كان محكم الدلالة. والآية المذكورة مجملة محتملة لمعان عديدة كما سيظهر لك و (ثانيا) ـ انه قد روي في تفسيرها عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال : «خلق لكم ما في الأرض لتعتبروا به. الحديث». وعلى هذا يسقط الاستدلال رأسا و (ثالثا) ـ ان غاية ما تدل عليه انه (سبحانه) خلق ما في الأرض لأجل منافع العباد الدينية والدنيوية بأي وجه اتفق ، وذلك لا يستلزم اباحة كل شيء ، ومجرد خلقه للانتفاع لا يستلزم حلية ما لم يرد في حليته نص ، لجواز الانتفاع به على وجه آخر ، إذ لا شيء من الأشياء إلا وفيه وجوه عديدة من المنافع. ولئن سلمنا الدلالة فالتخصيص قائم بما قدمنا من الأخبار كما قد خصت بغيرها مما لا يخالف فيه الخصم.
__________________
(١) المروي في الفقيه في باب (وصف الصلاة من فاتحتها الى خاتمتها).
وفي الوسائل في باب ـ ١٩ ـ من أبواب القنوت من كتاب الصلاة. وفي باب ـ ١٢ ـ من أبواب صفات القاضي وما يقضى به من كتاب القضاء.