و (خامسها) ـ رجحان أخبار الطهارة ـ لو ثبت التعارض ـ بموافقة القرآن كما عرفت (١) ، ومخالفة العامة ، فإن جمهورهم ـ كما نقله العلامة في المنتهى ـ على القول بالنجاسة ، ونقل بعض أفاضل المحدثين ان علماء الحنفية ـ الذين هم العمدة عند سلاطين العامة قديما وحديثا كما تشهد به كتب التواريخ والسير ـ بالغوا في الحكم بانفعال البئر بملاقاة النجاسة ، وزادوا على كثير من المقدرات الواردة في صحاح أخبارنا (٢)
__________________
(١) من الوجه الثاني المتقدم في.
(٢) قال شيخ الإسلام في الهداية ج ١ ص ١١ : «إذا وقعت في البئر نجاسة نزحت ونزح جميع ما فيها من الماء طهارة لها بإجماع السلف. ومسائل الآبار مبنية على الآثار دون القياس. ولا يفسد ماء البئر خرء الحمام والعصفور والبعرة والبعرتان من الإبل والغنم. وينزح ماء البئر كله لبول الشاة عند أبي حنيفة وابى يوسف وينزح ما بين عشرين دلوا الى ثلاثين لموت الفأرة والعصفور والصعوة وسام أبرص. وينزح ما بين أربعين دلوا الى ستين لموت الحمامة والدجاجة والسنور. وينزح جميع ما فيها من الماء لموت الشاة والكلب والآدمي. وينزح جميع ما فيها لموت الحيوان إذا انتفخ أو تفسخ سواء كان الحيوان كبيرا أو صغيرا» انتهى. وفي بدائع الصنائع ج ١ ص ٧٤ الخنزير ينجس البئر وان خرج حيا ، لانه نجس العين ، والكلب لا ينجس البئر بوقوعه فيه. والمروي عن أبي حنيفة في الكلب والسنور إذا وقعا في الماء القليل ثم خرجا يعجن به. والآدمي إذا لم تكن على بدنه نجاسة حقيقية ولا حكمية وقد استنجى فلا ينزح شيء ، والمروي عن أبي حنيفة ينزح عشرون دلوا. وإذا كانت عليه نجاسة حقيقية أو لم يكن مستنجيا ينزح جميع الماء. وإذا كانت على بدنه نجاسة حكمية بأن كان محدثا أو جنبا أو حائضا أو نفساء فمن لم يجعل هذا الماء مستعملا أو جعله مستعملا وانه طاهر وكان غير المستعمل أكثر من المستعمل لا ينزح من البئر شيء ، ومن يجعله مستعملا وانه نجس ينزح البئر كله. وفصل أبو حنيفة في الآدمي الواقع في البئر ، ان كان محدثا ينزح أربعون ، وان كان جنبا ينزح كله ، وان كان كافرا نزح كله إلا إذا تيقنت طهارته بان اغتسل ووقع من ساعته فلا ينزح شيء. وفي ص ٧٥ عند أبي حنيفة ينزح للإبل والبقر عشرون دلوا وعند ابى يوسف ينزح كله. والمروي عن أبي حنيفة في الحلمة ونحوها عشرة دلاء والفأرة ونحوها عشرون ، والحمام ونحوه ثلاثون ، والدجاج ونحوه أربعون ، والآدمي ونحوه البئر كله. وإذا تعدد الحيوان الواقع في البئر ، فالى الأربع ينزح عشرون ، ومن الخمس الى التسع ينزح أربعون ، وللعشرة ينزح كله. وعند محمد في الفأرتين ينزح عشرون ، وفي الثلاث أربعون. وفي ص ٧٦ في البول والدم والخمر ينزح كله ، والعذرة وخرء الدجاج الرخو ينزح كله قليلا أو كثيرا رطبا أو يابسا. واما الصلب كبعر الإبل والغنم ، في القياس ـ ينجس الماء قل أو كثر ، وفي الاستحسان ـ القليل لا ينجس والكثير ينجس ، سواء كان رطبا أو يابسا منكسرا أو صحيحا. والصحيح ان الكثير ما استكثره الناظر. وفي ص ٧٧ إذا ماتت فأرة في حب فيه ماء وصب الماء في بئر ، فعند ابى يوسف ينزح المصبوب وعشرون دلوا ، وعند محمد ان كان المصبوب عشرين دلوا نزح هذا المقدار وان كان أقل نزح عشرون. انتهى.