عن صريحها وارتكب فيها جادة التأويل ، فلو ورد هنا شيء عنه (صلىاللهعليهوآله) لجعله من ذلك القبيل. وما الإشكال في حفظ المياه حتى يحتاج إلى السؤال عنه؟ وهل تعاطي الصبيان والإماء والذين لا يتحرزون عن النجاسات لاوانيهم يكون موجبا للنجاسة بالملاقاة من غير علم بوصول النجاسة ، واين أصالة الطهارة؟ واين الحنيفية السمحة ودين محمد (صلىاللهعليهوآله) الذي هو أوسع ما بين السماء والأرض؟ ما هذه إلا احتمالات باردة وتعسفات زائدة. ولقد روي انه «دخل أعرابي المسجد فما لبث ان بال في ناحية المسجد ، فكأنهم عجلوا عليه ، فنهاهم النبي (صلىاللهعليهوآله) ثم أمر بذنوب من ماء فأهريق عليه ، ثم قال : علموا ويسروا ولا تعسروا» (١). وأمثال ذلك ـ مما يدل على سعة الحنيفية السمحة السهلة ـ كثير.
و (اما الخامس) (٢) ففيه (أولا) ـ ان الدليل ليس مقصورا على تلك
__________________
(١) هذه القصة قد وردت من طرق العامة كما في البخاري ج ١ ص ٤٥ وسنن النسائي ج ١ ص ٦٣ وصحيح مسلم ج ١ ص ١٢٥ وسنن ابى داود ج ١ ص ١٠٣ وجامع الترمذي مع شرحه لابن العربي ج ١ ص ٢٤٣ وسنن ابن ماجة ج ١ ص ١٨٩ ومسند احمد ج ٢ ص ٢٣٩ و ٢٨٢ و ٥٠٣ وج ٣ ص ١١٠ و ١١٤ و ١٦٧ و ١٩١ و ٢٢٦ ومجمع الزوائد لابن حجر ج ١ ص ٢٨٦. الا ان هذا النص اعنى قوله (ص) : «علموا ويسروا ولا تعسروا» قد ورد في عمدة القارئ شرح البخاري للعيني ج ١ ص ٨٨٤ ، وفي غيره من كتب الحديث قد ورد هذا المضمون بالتعبير الآتي : «إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين» وفي بعضها لم يرد هذا المضمون أصلا. وقد ورد فيها التعبير بالدلو والذنوب والسجل وفي بعضها التعبير بالماء من دون ذكر الكمية. والذنوب ـ كما في القاموس ـ بالفتح : الدلو أو التي فيها ماء أو الملأى أو دون الملأى. والسجل ـ كما فيه ايضا ـ : الدلو العظيمة مملوءة مذكر ، وملء الدلو. هذا. ويأتي منه (قده) التعرض لهذا الحديث في المقام الرابع من المسألة الثالثة من مسائل تطهير الماء وازالة النجاسة به.
(٢) المتقدم في الصحيفة ٣٠٣.