قال عمار بن كثير الواسطي (١) :
سمعت الفضيل بن عياض يقول : ما من نفس أشد علي موتا من هارون أمير المؤمنين ، فلوددت أن الله زاد من عمري في عمره ، فكبر ذلك علينا. فلما مات هارون ، وظهرت تلك الفتن ، وكان من المأمون ما حمل الناس على [أن](٢) القرآن مخلوق ، قلنا : الشيخ كان أعلم بما تكلم به.
قال إسماعيل بن فروخ :
أنشدنا أمير المؤمنين الرشيد لنفسه ، وقد صعب عليه الصعود في عقبة همذان ، فقال :
حتى متى أنا في حل وترحال |
|
وطول هم بإدبار وإقبال |
ونازح الدار ما ينفكّ مغتربا |
|
عن الأحبة لا يدرون ما حالي |
بمشرق الأرض طورا ثم مغربها |
|
لا يخطر الموت من حرصي على بالي |
ولو قنعت أتاني الرزق في دعة |
|
إن القنوع الغنى لا كثرة المال |
قال زكريا بن سعد الوصيف (٣) :
ان الرشيد ذات يوم في مقيله إذ رأى في منامه كأن رجلا وقف على باب مجلسه ، فضرب بيده إلى عود من الباب ثم أنشأ يقول :
كأني بهذا القصر قد باد أهله |
|
وأقفر (٤) منه ربعه (٥) ومنازله |
وصار عميد (٦) القصر (٧) من بعد بهجة |
|
وملك إلى قبر عليه جنادله (٨) |
__________________
(١) الخبر رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٤ / ١٢ من طريق أحمد بن عبد الله بن الحسين بن إسماعيل المحاملي ، أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان حدثنا يحيى بن أبي طالب حدثنا عثمان بن كثير الواسطي ، وذكره. والخبر في سير الأعلام ٩ / ٢٨٩ وفيه عمار بن ليث.
(٢) زيادة عن تاريخ بغداد.
(٣) خبر الرؤيا في مروج الذهب ٣ / ٣٩٥ ونسبت فيه إلى المهدي ، وخبر الرؤيا في البداية والنهاية ١٠ / ١٣٦ ونسبها إلى المنصور ، ثم أعادها في صفحة ١٦٦ ونسبها إلى المهدي. ورواها الطبري في تاريخه ١٠ / ١٢ والكامل لابن الأثير ٦ / ٨١ وتاريخ اليعقوبي ٢ / ٤٠٢.
(٤) في مروج الذهب : وأوحش.
(٥) في البداية والنهاية ١٠ / ١٣٦ أهله.
(٦) في البداية والنهاية ١٠ / ١٣٦ رئيس.
(٧) في مروج الذهب : القوم.
(٨) في البداية والنهاية : إلى جدث يبني عليه جنادله.