٣ ـ إن ذلك يظهر تصميم المجتمع الإيماني على الحصول على حقوقه ، ويشير إلى قريش بحقيقة : أن الأمر ليس صراعا على النفوذ ، بهدف الحصول على مكاسب لفريق يريد أن يجعل من نفسه حاكما ومهيمنا ..
بل القضية أكبر من ذلك ، وأخطر ، فإن المجتمع الإيماني يرى : أنه إنما يطالب بحقوقه من حيث إن عناصره يحملون صفة الإنسانية ، فكل من له هذه الصفة فلا بد من أن ينال حقوقه بغض النظر عن خصوصياته الفردية ، مثل اللون ، أو العرق ، أو السن ، أو غير ذلك.
وقد عبّر عن ذلك عروة بن مسعود ، حين قال لقريش : «والله لقد رأيت معه نساء ما كنّ ليسلمنه على حال» (١).
وهذا يفسر لنا : أخذه «صلىاللهعليهوآله» البيعة منهن بالطريقة التي تناسب حالهن ، وتراعي الأحكام الشرعية معهن ، فقد قال الشيخ المفيد «رحمهالله» :
«وكان أمير المؤمنين «عليهالسلام» المبايع للنساء عن النبي «عليهالسلام». وكانت بيعته لهن يومئذ : أن طرح ثوبا بينه وبينهن ، ثم مسحه بيده. فكانت مبايعتهن للنبي «صلىاللهعليهوآله» بمسح الثوب ، ورسول الله «صلىاللهعليهوآله» يمسح ثوب علي بن أبي طالب «عليهالسلام» مما يليه ..» (٢).
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٤٥.
(٢) الإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج ١ ص ١١٩ والبحار ج ٢٠ ص ٣٥٨ وموسوعة التاريخ الإسلامي ج ٢ ص ٦٢٢.