إلى أن ثمة معادلات جديدة قد ظهرت ، وأن عليهم أن لا يصموا آذانهم عن هذا النداء ، وأن لا يتجاهلوا هذه الدعوة ، فقد أظهرت الأيام : أن الأمور غير مستتبة لقريش ، وأن كلمتها ليست هي الأخيرة ، ليس فقط في المحيط الذي حولها ، وإنما في داخل مكة أيضا ..
وسوف تظهر نتائج ذلك كله بصورة سريعة ، وتتجلى على شكل أحداث تتلاحق وتتسارع ، بحيث تفقد قريش معها كل اختيار ، حتى تجد نفسها أسيرة واقع ، لم يكن يخطر في بالها ، أو يمر في خيالها أن تنتهي الأمور إليه ..
رسالة شفوية ، أم كتاب؟! :
والنصوص ، وإن اكتفت بالقول : إن عثمان قال لقريش : كذا وكذا ..
ولكن هناك نصا آخر يصرح : بأن النبي «صلىاللهعليهوآله» قد كتب لهم معه كتابا بذلك (١).
وقد يكون ما يذكرونه عن عثمان ، من أنه قال : كذا وكذا ، إنما أرادوا به التعبير عن مضمون هذا الكتاب.
ولعل إرسال الكتاب المدون إليهم هو الأولى ، وذلك لأن ذلك معناه : زيادة درجة الأمان لحامله ، حيث يرى الناس : أنه مجرد رسول ، وبذلك يقطع الطريق على اتهامه بأنه يتجاوز حدود ما أوكل إليه ..
كما أن الكتاب يكون أوثق في إقامة الحجة عليهم ، وأشد وقعا على نفوسهم ، وهو يشكل نقطة ارتكاز تستقر عليها اللفتة الذهنية حين تتحرك
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٦.