ونقول :
إنه إذا كان هؤلاء المنافقون قد حضروا الحديبية ، وإذا كانت بيعة الرضوان قد حصلت في هذه المناسبة ، وبايع جميع من كان مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ـ بمن فيهم المنافقون ـ وإذا كانوا جميعهم يدخلون الجنة باستثناء صاحب الجمل الأحمر حسبما تقدم ، فإن السؤال الذي يلح بطلب الإجابة الصحيحة والصريحة هو التالي :
إنه بناء على ذلك ، وبناء على قول أهل السنة بعدالة جميع الصحابة ، استنادا إلى آيات بيعة الشجرة وهي قوله تعالى :
(لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً) (١).
وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (٢).
فإن ابن أبي وجميع من حضر في الحديبية ممن هم على شاكلته ، لابد أن يحكم بصحة إيمانهم استنادا إلى ذلك. ولا يجوز لأهل السنة إطلاق القول بنفاقه أصلا ، فضلا عن دعواهم : أنه كان رأس المنافقين في المدينة.
ويؤكد هذا الأمر ويزيده وضوحا لنا ، وتعقيدا بالنسبة إلى أصول أهل السنة : أنهم يقولون : إن الله سبحانه قال لرسوله «صلىاللهعليهوآله»
__________________
(١) الآية ١٨ من سورة الفتح.
(٢) الآية ١٠ من سورة الفتح.