وجاء في العقد المنضد أن إعادة تشييد حصن تبنين تمّت قبل هذا التاريخ وأن أجداد مؤلفه أحدثوا فيه «الأبراج المتينة والحصون المكينة وما برحوا إلى أن أفضت حكومة البلاد إلى أحمد بن مشرف الوائلي» الأول ، ولما توفي وكان قد ترك زوجته من بني عمومته السوالمة حاملا ولم يخلف من أهل بيته من يقوم مقامه اغتنم السادة الشكريون منازعوهم على سيادة البلاد في ذلك العهد الفرصة فملكوها عليهم ، وأصبح الحصن في يدهم ، وأصبحت تبنين قاعدة حكمهم إلى أن نشأ ذلك الحمل الذي تركه أبوه أحمد ابن مشرف في أخواله السوالمة ، وبلغ مبلغ الرجال ، وكان قد سمي بعلي الصغير وعاد إلى البلاد التي كانت قد استثقلت وطأة حكم الشكريين واسترجع عصبية آبائه فيها واسترد حكمها منهم بعد موقعة حدثت له معهم في تبنين ، وأخرى في قانا وفي معركة عيناثا التي كان فيها تقلص ظل الأحكام الشكرية (١) [...](٢).
وبالجملة فإن تبنين قاعدة جبل عامل الكبرى ، ومقر حكامه من بني سودون وآل الصغير وآل شكر ثم آل الصغير ، ولم يزل بأيدي هؤلاء إلى سنة ١١٩٥ ه / ١٧٨٠ م ثم استردت إليهم بعد مهلك الجزار إلى سنة ١٢٨١ ه / ١٨٦٣ م (٣) ومن ذلك الحين إلى اليوم (٤) أصبحت قاعدة ناحية باسمها تبلغ القرى التابعة لها نيفا وأربعين قرية ، وكانت المقاطعة الأولى من مقاطعات جبل عامل الثماني. وفي عهد حكامها الصغيريين أصبحت مثابة العلماء
__________________
(١) شبيب باشا الأسعد : العقد المنضد ص ١٧ ـ ١٨.
(٢) إحالة على التعليق على عيناتا.
(٣) لكن ادوارد روبنصون قال في كتابه بحث توراتي (مصدر سابق) ١ : ٢٠ أنه في سنة ١٨٣٨ تاريخ رحلته كانت تسكن قلعة تبنين «عائلة من المشايخ تعتبر زعيمة المتاولة اجمع في هذا الإقليم وتدعى بيت علي السغير [الصغير]». لكنه ذكر بعدها أنه عندما زارها أخبره رجل مسيحي هو وكيل المشايخ وانهم غائبون» ن. م. ص ١٦٤.
(٤) سنة ١٩٢٣ م.