وقال ابن جبير في رحلته (١) (التي تبتدئ سنة ٥٧٨ وتنتهي سنة ٥٨١) : «وانتهينا إلى حصن كبير من حصون الافرنج يعرف بتبنين وهو موضع تمكيس القوافل وصاحبته [...] تعرف بالملكة هي أم الملك [...] صاحب عكة [...] فكان بيتنا أسفل ذلك الحصن» وكان ذلك في سنة ٥٨٠».
وفي سنة ٥٨٣ ه / ١١٨٧ م كانت موقعة حطين التي انتصر فيها السلطان صلاح الدين على الصليبيين فتفرق عسكره لفتح البلاد المجاورة لعكا وسيّر ابن اخيه تقي الدين «إلى تبنين فلما وصلها نازلها وأقام عليها ، فرأى حصرها لا يتم إلا بوصول عمه صلاح الدين فأرسل إليه يعلمه الحال. ويحثه على الوصول إليه ، فرحل ثامن جمادى الأولى ، ونزل عليها حادي عشره فحصرها وضايقها وقاتلها بالزحف ، وهي من القلاع المنيعة على جبل ، فلما ضاق عليهم الأمر واشتد الحصر ، أطلقوا من عندهم من أسرى المسلمين وهم يزيدون على مائة رجل وبقي [الفرنج](٢) كذلك خمسة أيام ، ثم أرسلوا يطلبون الأمان. فأمنهم على أنفسهم فسلموها إليه ووفى لهم وسيرهم إلى مأمنهم» (٣) وبقيت في يده إلى أن توفي سنة ٥٨٩. فأصبحت في يد ولده الملك الأفضل إلى سنة ٥٩٢ ه وهي السنة التي ملك فيها عليه مدينة دمشق وأعمالها عمه العادل أبو بكر بن أيوب وفي صفر سنة ٥٩٤ ه حصرها الفرنج «فلما علم العادل بذلك ارسل (إلى ابن أخيه الملك) العزيز (عثمان بن صلاح الدين ملك) مصر (٤) يطلب منه أن يحضر هو بنفسه للدفاع عنها ، وقاتلت حاميتها قتال من يحمي نفسه فحموها إلى أن وصل الملك العزيز
__________________
(١) ابن جبير : الرحلة ص ٢٨٣.
(٢) في الأصل الفزع والتصحيح من الكمال لابن الأثير.
(٣) ابن الأثير الكامل في التاريخ ١١ : ٢٤٥ ، وانظر الفتح القسي في الفتح القدسي ص ٢٨ ؛ النوادر السلطانية ص ٨٠.
(٤) زاد الشيخ ما بين القوسين ، بمصر في الأصل.