فيه (١) إليه من مأكول ، وملبوس ، ومشروب ، ومركوب ، وآلات ذلك ، وأجرة المسكن ، ونحوها ، ويراعي فيها ما يليق به عادة مقتصدا ، فإن أسرف حسب عليه ، وإن قتر لم يحسب له. وإذا عاد من السفر فما بقي من أعيانها ولو من الزاد
______________________________________________________
العامل بالاتفاق ، فما ساواه في السفر يحتسب عليه أيضا ، والزائد يكون من مال المضاربة فيكون ما يحصل بسبب السفر هو الزيادة ليس إلا ، وأما غيرها فسواء كان مسافرا أم حاضرا فلا بد منه فلا يكون السفر علة فيه.
القول الثالث : أن جميع نفقة السفر على العامل كنفقة الحضر ، لأن المبيع مال المالك ، والأصل أن لا يتصرف العامل فيه إلا بما دلّ عليه الاذن ، ولم يدل الاذن إلا على حصة من الربح فلا يستحق العامل سواها وتكون النفقة عليه حضرا أو سفرا ، وكلا القولين غير معروفي القائل ، مع أن القول الثالث هو الموافق للقواعد ، ولكن النصوص دالة على الأول وهو المتّبع ، هذا ولا بدّ من التنبيه على أمور :
التنبيه الأول : المراد بالنفقة كل ما يحتاج إليه العامل في السفر بما هو مضارب من مأكول وملبوس ومركوب ونحو ذلك ، ويراعى فيها ما يليق بحاله عادة على وجه الاقتصاد ، فلو أسرف حسب عليه لعدم إذن الشارع بالإسراف ، وعليه فما فيه إسراف فهو على العامل ، ولو قتّر على نفسه لم يحسب له ، لعدم النفقة الفعلية مع أن المستثنى في الخبر النفقة الفعلية لحمل كل لفظ على الفعلية لا على القوة والشأنية والتقدير كما هو الأصل في ذلك عرفا.
ثم إذا عاد من السفر فما بقي من أعيان النفقة ولو من المأكول يجب رده إلى مال المضاربة ، لأنه مع البقاء المذكور قد تبين عدم وقوع الباقي نفقة للعامل حال سفره ، أو يتركه وديعة أن يسافر إذا كان العامل ممن يتكرر سفره لنفس ذلك المال.
التنبيه الثاني : المراد من السفر هو السفر العرفي لا الشرعي ، والمراد بالثاني ما يجب فيه التقصير ، ويحمل على العرفي حملا للفظ السفر الوارد في صحيح علي بن جعفر وغيره على المعنى العرفي ، للقطع بعدم إرادة الشرعي هنا للانصراف ، وعليه فلو كان السفر قصيرا دون المسافة أو كان طويلا وأتم الصلاة فيه للإقامة فنفقة العامل تلك المدة على أصل مال المضاربة.
التنبيه الثالث : إن نفقة العامل في السفر من مال المضاربة وإن لم يظهر ربح بعد للإطلاق في الخبر المتقدم ، ولذا عبّر الفقهاء بكون النفقة من أصل المال للإشعار بذلك.
(١) أي في السفر.