الربح بطلب صاحب المال ، فكأن الضرب مسبب عنهما ، فتحققت المفاعلة لذلك ، أو من ضرب كل منهما في الربح بسهم ، أو لما فيه من الضرب بالمال وتقليبه.
وأهل الحجاز يسمونها قراضا من القرض وهو القطع ، كأن صاحب المال اقتطع منه قطعة وسلمها إلى العامل ، أو اقتطع له قطعة من الربح في مقابلة عمله ، أو من المقارضة وهي المساواة ، ومنه : «قارض الناس ما قارضوك فإن تركتهم لم يتركوك» (١).
ووجه التساوي هنا (٢) أن المال من جهة ، والعمل من أخرى ، والربح في مقابلهما فقد تساويا في قوام العقد ، أو أصل استحقاق الربح وإن اختلفا في كميته (٣).
(وهي جائزة من الطرفين) (٤) سواء نض المال (٥) أم كان به عروض ، يجوز
______________________________________________________
(١) قاله أبو الدرداء من أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم على ما قيل ، ومعناه ساواهم ما داموا مساوين لك ، فإن تركت مساواتهم لم يتركوا مساواتك ، أو عارض الناس بالسوء ما داموا متعرضين لك بالسوء ولو كان معارضتك لهم من باب دفع سوئهم عن نفسك ، فإن تركتهم ولم تقابلهم بالسوء لم يتركوك ، والثاني أولى.
(٢) في المضاربة.
(٣) قال الشارح في المسالك تبعا للتذكرة : (واعلم أن من دفع إلى غيره مالا ليتجر به فلا يخلو إما أن يشترطا كون الربح بينهما أو لأحدهما أولا يشترطا شيئا ، فإن شرطا بينهما فهو قراض ـ مضاربة ـ وإن شرطاه للعامل فهو قرض ، وإن شرطاه للمالك فهو بضاعة ، وإن لم يشترطا شيئا فكذلك ـ أي بضاعة ـ ويكون الربح للمالك تبعا للمال إلا أن للعامل أجرة المثل) انتهى. وله فائدة أخرى وهي : أن عقد المضاربة يقتضي أن يكون العامل ودعيا أمينا مع صحة العقد وعدم ظهور الربح ، وهو شريك مع ظهور الربح ، ومع التعدي غاصب ، وفي تصرفه وكيل ، ومع فساد العقد أجير له أجرة المثل ، ومن الواضح أن ليس المراد إنشاء هذه العقود بإنشاء عقد المضاربة ، بل المراد أنه يتبعها أحكام هذه العقود حينئذ.
(٤) بلا خلاف فيه بل ادعى عليه الإجماع كما عن جماعة ، وهو الحجة للخروج عن قاعدة اللزوم في العقود ، ولأن المضاربة وكالة في الابتداء ثم قد تصير شركة عند ظهور الربح ، والوكالة والشركة جائزان فلا محالة تكون المضاربة جائزة.
(٥) قال الفيومي في مصباح المنير : (وأهل الحجاز يسمون الدراهم والدنانير نضّا وناضّا ، قال