٢ ـ استدلال عجيب :
إن استدلال الحلبي بتلك الرواية على تجويز الغناء عجيب وغريب ؛ فإن الرواية لا تتضمن إلا أنهم قد أنشدوا الشعر لمقدمه ، ولم يكن يصاحب ذلك شيء من المحرمات ، بل لم تذكر الرواية : أنه كان هناك ترجيع أم لا.
وإنشاد الشعر ليس بحرام ، ولهذا قال بعضهم : «وتعلق أرباب الغناء الفسقة به (أي برواية : طلع البدر) كتعلق من يستحل شرب الخمر المسكر قياسا على أكل العنب ، وشرب العصير الذي لا يسكر ، ونحو هذا من القياسات ، التي تشبه قياس الذين قالوا : إنما البيع مثل الربا» (١).
ولو سلم حرمة سماع صوت الأجنبية ، فلا دليل على أن ذلك كان قد شرع حينئذ ، فإن كثيرا من الأحكام كانت تشرع تدريجا ، كما قالوه في الخمر مثلا.
كما أنه لا دليل على وجود من يحرم سماع صوته في المنشدين.
ولو سلّم ، فلعل لم يكن بالإمكان منعهم في ظرف كهذا ، أو لا يمكن تبليغهم الحكم الشرعي حينئذ ؛ فسكوت النبي «صلى الله عليه وآله» عنهم لعله لمصلحة اقتضت السكوت ، ولا يدل ذلك على إمضائه لفعلهم ذاك.
٣ ـ ترقيص الأكمام :
وأما ترقيص أكمامه «صلى الله عليه وآله» ، فهو ينافي المروءة كما اعترف به فضل بن روزبهان (٢).
ويقول العلامة المظفر «رحمة الله» : «إن هذا العمل سفه ظاهر ، وخلاعة
__________________
(١) زاد المعاد لابن القيم ج ٣ ص ١٧ و ١٨.
(٢) راجع : دلائل الصدق ج ١ ص ٣٩٠ و ٣٩٣ على الترتيب.