العذاب إنا مؤمنون. ثم تحدث عنهم تعالى بأسلوب الغائب مشيرا إلى ما صدر منهم سابقا مما يدل على عدم وثوقه في وعدهم ، ثم عاد إلى خطابهم بالآية الآنفة الذكر ، متوعدا إياهم بالعذاب الأليم في الآخرة في صورة عودتهم إلى العناد.
ونشير هنا : إلى أن رجوع أبي سفيان إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ليؤكد على أن المشركين كانوا يعرفون أن ما جاء به «صلى الله عليه وآله» هو الحق ، ولكنهم جحدوا ذلك استكبارا وعتوا ، وعلوا ، وحفاظا على الامتيازات الظالمة التي جعلوها لأنفسهم.
ومن الجهة الثانية ، فإننا نجده «صلى الله عليه وآله» يستجيب لطلب أبي سفيان ، ولكن ليس فقط لأجل ما ذكره من لزوم صلة الرحم ؛ لأن الإسلام هو الصلة الحقيقية بين أبناء البشر جميعا ، وعلى أساسه تكون الأخوة بينهم.
وإنما يستجيب له ليعطيه دليلا جديدا على أحقية ما جاء به ، وليقيم الحجة عليه ، وعلى كل من يرى رأيه ؛ ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة ، وليمنح الفرصة للذين يعيشون بعيدا عن الأضواء ، وليس لهم مصالح دنيوية كبيرة ، ليفكروا بموضوعية وتجرد ؛ بعيدا عن الأجواء المصطنعة.
عرض الإسلام على القبائل :
لقد كان النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» يغتنم الفرصة في مواسم الحج ؛ فيعرض على القبائل ، قبيلة قبيلة ، أن تعتنق الإسلام ، وتعمل على نشره وتأييده ، وحمايته ونصرته ، بل كان لا يسمع بقادم إلى مكة ، له اسم وشرف ، إلا تصدى له ، ودعاه إلى الإسلام.