أمامهم ، وإقامة الحجة ، وتوفير البيانات والحجج لهم.
وهذا حق محفوظ لهم ، ولا يمكن حرمانهم من ذلك.
ولعلك تقول : ألا تعد غيبة الإمام «عليه السلام» حرمانا للبشر من حق لهم ، بسبب تفريط جماعة صغيرة من الناس حين استشهاد أبيه الإمام الحسن العسكري صلوات الله وسلامه عليه ..
فالجواب : أن غيبة الإمام وإن كانت في البداية بسبب فعل مجموعة من الناس في وقت بعينه لكن استمرار موجبات هذه الغيبة إنما هو بفعل نفس الناس الموجودين في كل عصر ، لأن بإمكانهم إزالة هذه الموجبات ، وفسح المجال أمام إشراقة شمس ظهوره عجل الله تعالى فرجه الشريف.
بين النظرة المصلحية والواقع :
ولقد وقع المشركون في تناقض عجيب ، فهم في نفس الوقت الذي يصرون فيه على تكذيب النبي «صلى الله عليه وآله» ، والافتراء عليه ، حتى إنهم كانوا يقولون عنه : إنه مجنون ، ساحر ، شاعر ، كاهن ، الخ .. نراهم يأتمنونه على أموالهم وودائعهم إلى الحد الذي يحتاج معه إلى أن يترك ابن عمه ينادي في الناس ثلاثة أيام ؛ ليأتوا إليه ويأخذوا ودائعهم ، وهل يؤمّن المجنون ، والكذاب ، والكاهن ، والعدو؟!.
فإن ذلك إن دل على شيء فإنما يدل على أن عدم إيمان المشركين بما يدعوهم إليه ليس إلا استكبارا وعنادا ، لا عن قناعة بعدم صحة ما جاءهم به ، وقد قال تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ)(١).
__________________
(١) الآية ١٤ من سورة النمل.