يوحي بما ربما لا يروق للكثيرين أن يفكروا به.
كلام الجاحظ ، وما فيه :
وناقش الجاحظ (١) وغيره فقالوا : إن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن بحاجة إلى السكينة لتنزل عليه ، وكأنه يريد أن يجعل من ذلك قرينة لصرف اللفظ عن ظاهره.
ولكنه كلام باطل.
أولا : قال تعالى في سورة التوبة في الآية ٢٦ عن قضية حنين : (ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ). وقال في سورة الفتح في الآية ٢٦ : (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ).
فهاتان الآيتان : تدلان على نزول السكينة عليه «صلى الله عليه وآله» ، فلا يصح ما ذكره الجاحظ.
ومن جهة ثانية نرى : أنه تعالى قد ذكر نزول السكينة على المؤمنين فقال : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً ..)(٢).
وقال : (فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)(٣).
وهنا قد يتساءل البعض عن سر إخراج أبي بكر من السكينة ، ولم حرم منها هنا ، مع أن الله قد أنزلها على النبي «صلى الله عليه وآله» هنا وعليه وعلى المؤمنين في غير هذا الموضع؟!!
__________________
(١) العثمانية ص ١٠٧.
(٢) الآية ٤ من سورة الفتح.
(٣) الآية ١٨ من سورة الفتح.