والجاه العريض ، وغير ذلك.
إنهم يقدمون على كل هذا ، مع أنهم ربما كانوا لا يؤمنون بتلك الدعوة إلا بمقدار إيمانهم بضرورة الحصول على تلك المآرب والأهداف الآنفة الذكر.
ومن الواضح : أن المنافق الطامع الذي من هذا القبيل يكون ـ فيما لو نجحت الدعوة ـ أشد خطرا على تلك الدعوة من أعتى أعدائها ؛ لأنه إذا وجد أن الدعوة لا تستطيع أن تمنحه كل ما يريد ـ ولو لاقتضاء المصلحة لذلك ـ فإنه سوف يمكر ويغدر (١) ، كما أنه يكون هو الأقدر على الانحراف بهذه الدعوة ، وإخراجها عن نهجها القويم ، وصراطها المستقيم إلى المتاهات التي يستطيع في ظلماتها وبهمها أن يحصل على ما يريد دون رادع أو وازع ، وهو الذي يملك كل المبررات لذلك مهما كانت سقيمة وتافهة.
وأما إذا فشلت الدعوة : وكان قد أحكم أمره ؛ فإنه يستطيع أن يقول لمن هم على شاكلته : إنا كنا معكم ؛ إنما نحن مستهزئون.
فإنه إذا كان النفاق في المدينة قد كان في أكثره لدوافع أمنية ، أو للحفاظ على المصالح والعلاقات المعينة ، فإن النفاق المكي لسوف يكون أعظم خطرا ، وأشد محنة وبلاء على الإسلام والمسلمين ، حسبما أوضحنا آنفا.
وعلى هذا ، فإن من القريب جدا .. أن يكون بعض من اتبع النبي «صلى الله عليه وآله» في مكة لم يكن مخلصا للدعوة ، وإنما كان مخلصا لنفسه فقط ، لا سيما إذا لاحظنا : أن دعوة الرسول قد كانت مقترنة من أول يوم بدئها
__________________
(١) راجع : تفسير الميزان ج ١٩ ص ٢٨٩.