ومن شرائط الأدلة معرفة الأشكال الاقترانية ، والاستثنائية ، وما يتوقف عليه من المعاني المفردة وغيرها (١) ، ولا يشترط الاستقصاء في ذلك بل يقتصر على المجزئ منه ، وما زاد عليه فهو مجرد تضييع للعمر ، وترجئة للوقت.
والمعتبر من الكتاب الكريم معرفة ما يتعلق بالأحكام وهو نحو من خمسمائة آية ، إما بحفظها ، أو فهم مقتضاها ليرجع إليها متى شاء (٢) ، ويتوقف على معرفة الناسخ منها من المنسوخ ، ولو بالرجوع إلى أصل يشتمل عليه.
ومن السنة جميع ما اشتمل منها على الأحكام ، ولو في أصل مصحح (٣) رواه عن عدل بسند متصل إلى النبي والأئمة ، ويعرف (٤) الصحيح منها والحسن ، والموثق والضعيف ، والموقوف والمرسل ، والمتواتر والآحاد ، وغيرها من الاصطلاحات التي دوّنت في دراية الحديث ، المفتقر إليها (٥) في استنباط الأحكام ، وهي أمور اصطلاحية توقيفية ، لا مباحث علمية ، ويدخل في أصول الفقه معرفة أحوالها (٦) عند التعارض وكثير من أحكامها (٧) ، ومن الإجماع والخلاف أن يعرف أن ما يفتي به لا يخالف الإجماع (٨) ، إمّا بوجود موافق من المتقدمين ، أو بغلبة ظنه
______________________________________________________
(١) والمراد منه شرائط الحد ، ولو قال : والمعتبر منه شرائط البرهان وشرائط الحد لكان أخصر ، لكن ما له الدخل في الاجتهاد من علم المنطق هو أمر ضروري فطري في جبلة الإنسان فلا داعي لذكره.
(٢) أو الرجوع إلى كتاب يتضمنها كزبدة البيان للمقدس الأردبيلي.
(٣) بحيث لو اكتفى بالوسائل ومستدركه لأعذر في مقام البحث عن الدليل اللفظي.
(٤) إشارة إلى علم الدراية.
(٥) ومن الواضح أن الاجتهاد ليس متوقفا على معرفة هذه المصطلحات ، نعم هو متوقف على حجية الخبر ، فلو قلنا بحجية الخبر الصحيح فقط أو الأعم منه ومن الثقة ، أو الأعم منها ومن خبر موثوق الصدور فيجب عليه معرفة ذلك من الأخبار حتى يعتمد عليها في مقام الاستنباط.
(٦) أي معرفة أحوال السنة.
(٧) أي أحكام السنة ، كحجية الخبر الواحد ، والفرق بينه وبين المتواتر.
(٨) وهو اجماع المتقدمين القريبين من عصر النص ، وأما اجماع المتأخرين عند عدم النص فلا حجة فيه خصوصا عند سكوت القدماء في المسألة وعدم تعرضهم لها.