كل منهما المماكسة معه ، ولو أمراه بتولي الطرفين الإيجاب والقبول (فعليهما) أجرة واحدة بالتنصيف ، سواء اقترنا أم تلاحقا ، ولو منعنا من تولي الطرفين من الواحد امتنع أخذ أجرتين ، لكن لا يتجه حمل كلام الأصحاب : أنه لا يجمع بينهما لواحد عليه (١) ، لأنه قد عبّر به من يرى جوازه (٢) ، بل المراد أنه لا يجمع بينهما لعمل واحد وإن أمره البائع بالبيع ، والمشتري بالشراء ، بل له أجرة واحدة عليهما (٣) ، أو على أحدهما كما فصلناه (٤).
(ولا يضمن الدلال) (٥) ما يتلف بيده من الأمتعة (إلا بتفريط). والمراد به (٦) ما يشمل التعدي مجازا أو اشتراكا (فيحلف على عدمه) لو ادعى عليه التفريط ، لأنه أمين فيقبل قوله في عدمه (فإن ثبت) التفريط في حقه وضمن القيمة (حلف على) مقدار (القيمة لو خالفه البائع) فادعى أنها أكثر مما اعترف به ، لأصالة البراءة من الزائد ، ولا ينافيه التفريط وإن أوجب الإثم كما يقبل قول الغاصب فيها (٧)
______________________________________________________
(١) على امتناع أخذ أجرتين.
(٢) أي جواز تولي الطرفين من واحد.
(٣) موزّعة.
(٤) بحيث أمراه بالدلالة التي فيها مماكسة ، فالآمر للسابق عند التقارن.
(٥) لأنه أمين بلا خلاف ولا إشكال ، والأمين لا يضمن ، وأما عموم النبوي (على اليد ما أخذت حتى تؤدي) فمختص بيد العدوان كما سيأتي بيانه في باب الغصب إن شاء الله تعالى.
(٦) أي بالتفريط ، والتفريط من فرّط في الأمر أي قصّر فيه فضيعه كما في مصباح المنير ، وهنا ينشأ وهم وحاصله أن المصنف حصر ضمان الدلال في التفريط وهو التقصير لغة كما عرفت ، مع أن الافراط من جملة أسباب الضمان ، إذ يضمن الدلال مع التعدي أيضا.
هذا وأراد الشارح دفع هذا الوهم عن المصنف وأنه قد استعمل لفظ التفريط وأراد الأعم من التقصير والتعدي على نحو عموم المجاز.
أو أن نقول إن التفريط كما يستعمل في التقصير يستعمل أيضا في التعدي ، ولذا يقال : أفرط في الأمر أي أسرف فيه وجاوز الحد فيكون بمعنى التعدي ، وعليه فالمصنف قد استعمل لفظ التفريط وأراد كلا المعنيين على نحو عموم الاشتراك.
(٧) في القيمة.