في الزمان الأوّل وشكّ في ثبوتهما في الزمان الثاني ، يصدق عرفا أنّ القضيّة المتيقّنة في الزمان الأوّل بعينها مشكوكة في الزمان الثاني.
نعم ، قد يتحقّق في بعض الموارد الشكّ في إحراز الموضوع للشكّ في مدخليّة الحالة المتبدّلة فيه. فلا بدّ من التأمّل التامّ ، فإنّه من أعظم المزال في هذا المقام.
وأمّا ما ذكره ثانيا : من معارضة قاعدة اليقين والأصل بما دلّ على التوقّف.
ففيه ـ مضافا إلى ما حقّقناه في أصل البراءة ، من ضعف دلالة الأخبار على وجوب الاحتياط (١) ، وإنّما تدلّ على وجوب التحرّز عن موارد الهلكة الدنيويّة أو الاخرويّة ، والأخيرة مختصّة بموارد حكم العقل بوجوب الاحتياط من جهة القطع بثبوت العقاب إجمالا وتردّده بين المحتملات ـ : أنّ أخبار الاستصحاب حاكمة على أدلّة الاحتياط ـ على تقدير دلالة الأخبار عليه أيضا ـ كما سيجيء (٢) في مسألة تعارض الاستصحاب مع سائر الاصول إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّ ما ذكره : من أنّه شبهة عجز عن جوابها الفحول ، ممّا لا يخفى ما فيه ؛ إذ أيّ اصوليّ أو فقيه تعرّض لهذه الأخبار وورود هذه الشبهة فعجز عن جوابها؟! مع أنّه لم يذكر في الجواب الأوّل عنها إلاّ ما اشتهر بين النافين للاستصحاب ، ولا في الجواب الثاني إلاّ ما اشتهر بين الأخباريّين : من وجوب التوقّف والاحتياط في الشبهة الحكميّة.
__________________
(١) راجع مبحث البراءة ٢ : ٦٣ ـ ٨٦.
(٢) انظر الصفحة ٣٩١.