قصدي بغضب منك يدوم عليّ ، فو عزتك ما يحسّن ملك إحساني ، ولا تقبّحه إساءتي ، ولا ينقص من خزائنك غنائي ، ولا يزيد فيها فقري ، يا من هو هكذا ، اسمع دعائي وأجب ندائي ، وأقلني عثرتي ، وارحم غربتي ، ووحشتي ، ووحدتي في قبري ، ها أنا ذا يا رب برمتي ، ويأخذ بتلابيبه [ثم](١) يركع ، فقال عبد الملك : حسن والله ، رضياللهعنه.
قال القاضي : قول محمّد بن الحنفيّة : أسمعني كلاما تكمشت له أي انقبضت ، يقال لما تقبّض (٢) وتشنّج من الفاكهة وغيرها : قد تكمّش ، فهو متكمّش.
وقوله : وذكر أبي بكلام تقمّعت له ، يقال : قد تقمّع الرجل وانقمع إذا انخذل (٣) وانكسر ، وقول عبد الملك للحجّاج : يا لكع ، يريد يا عبد أو يا لئيم. وقوله : وهراوة البقار ؛ يعني عصا الراعي التي يذود بها البقر ، يريد لا تصلح إلّا لأداني الأمور.
وما رواه محمّد بن الحنفيّة من قول أمير المؤمنين عليهالسلام في دعائه : ها أنا ذا يا ربّ برمّتي ، العرب تقول : أخذ فلان كذا وكذا برمّته ، يريدون أخذه كله ، واستوفاه ، ولم يغادر شيئا منه ، وكذلك قولهم : أخذه بأسره ، والأسر : القيد (٤) وبه سمي الأسير أسيرا ، وهو الأخيذ (٥) بمعنى المأخوذ ، وكانوا يشدونه بالقدّ إذا أسروه ، فأمّا الرمّة فالحبل البالي كانوا يشدون الأمتعة به ، ومنه قول ذي الرّمّة :
أشعت باقي رمة التقليد (٦)
وقيل : إنّما سمّي ذا الرّمّة لقوله هذا ، وهو غيلان بن عقبة ، وأمّا الرمّة بالكسر فالعظم البالي يقال : رمّ العظم يرم ، وهو رميم ، ومنه قول الشاعر : (٧)
والنيب إن تعرفني رمة خلقا |
|
بعد الممات فإنّي كنت أثّئر (٨) |
وهذا من أبيات المعاني ، ومعناه [أن النيب ، وهو جمع ناب ، وهي الناقة المسنة ، قيل
__________________
(١) زيادة عن د ، و «ز».
(٢) في الجليس الصالح : «تغضّن» ومثله في «ز» ، ود.
(٣) في د ، و «ز» ، والجليس الصالح : انخزل.
(٤) بالأصل ود : القد ، وفي «ز» : الغد.
(٥) في الجليس الصالح : الآخذ.
(٦) ديوان ذي الرمة ص ١٥٥ وصدره فيه : وغير مرضوخ القفا موتود.
(٧) البيت للبيد ، ديوانه ص ٥٧ (ط. بيروت).
(٨) أثئر : أخذ بالثأر.