أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله ـ إذنا ومناولة ـ وقرأ عليّ إسناده ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافي بن زكريا (١) ، ثنا الحسين بن القاسم الكوكبي ، ثنا أبو محمّد عبد الله ابن عمرو (٢) بن بشر الورّاق ، ثنا أبو زكريا يحيى بن خليفة الدارمي ، حدّثني محمّد بن هشام السعدي التميمي قال :
خرج الحجّاج بن يوسف وابن الحنفيّة من عند عبد الملك بن مروان ، فلمّا صارا في الطريق قال الحجّاج لمحمّد بن الحنفيّة : لقد بلغني أن أباك كان إذا فرغ من القنوت يقول كلاما حسنا أحببت أن أعرفه ، فتحفظه؟ قال : لا ، قال : سبحان الله ، ما أوحش لقاءكم ، وأفظع لفظكم ، وأشدّ خنزوانتكم ، ما تعدّون الناس إلّا عبيدا ، ولقد خضتم الفتنة خوضا ، وقللتم (٣) المهاجرين والأنصار ، فنظر إليه ابن الحنفية وأنكر لفظه وأحفظه ، فوقف وسار الحجّاج ، ورجع ابن الحنفيّة إلى باب عبد الملك فقال للآذن : استأذن لي ، فقال : ألم تكن عنده وخرجت آنفا ، فما ردّك وقد ارتفع أمير المؤمنين؟ قال : لست أبرح حتى ألقاه ، فكره الآذن غضب الخليفة فدخل عليه فقال : يا أمير المؤمنين ، هذا محمّد بن الحنفيّة يستأذن عليك ، فقال : ألم يكن عندي قبيل؟ قال : لقد رده أمر ، ائذن له ، فلما دخل عليه تحلحل عن مجلسه كما كان يفعل ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا الحجاج أسمعني كلاما تكمشت (٤) له ، وذكر أبي بكلام تقمعت له ، وما أحرت حرفا ، قال : فما قال لك حتى أعمل على حبسه (٥)؟ قال : وكأنما تفقأ في وجهه الرمان ونخسه شوك ، فخبره عما سأله عنه ، فقال لصاحب شرطه عليّ بالحجاج الساعة. فأتاه في منزله حين خلع ثيابه فحمله حملا عنيفا ، وانصرف ابن الحنفية ، فجاء الحجاج فوقفه بالباب طويلا ثم قال : ائذن له. فدخل ، فسلّم عليه ، فقال له عبد الملك :
لا أنعم الله بعمرو عينا |
|
تحية السخط إذا التقينا (٦) |
يا لكع وهراوة البقار ، ما أنت ومحمّد بن الحنفيّة؟ قال : يا أمير المؤمنين ، ما كان إلّا
__________________
(١) رواه القاضي المعافي بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٤ / ١٩٠ وما بعدها.
(٢) بالأصل : «عمر» والمثبت عن د ، و «ز» ، والجليس الصالح الكافي.
(٣) في الجليس الصالح : «وقتلتم».
(٤) أي تقبضت ، يقال : تكمش الجلد : تقبض.
(٥) بالأصل : «حسابه» وفي «ز» : «حسبه» والمثبت عن الجليس الصالح.
(٦) «إذا التقينا» ليس في «ز».