ثياب إبراهيم ، وإبراهيم لا يعلم أنها ثياب الشّافعي ، وانصرف الشّافعي إلى منزله فنظر فإذا هي لإبراهيم ، فأمر بها فطويت وبخرت وجعلت في منديل ونظر إبراهيم فطواها وبخّرها وجعلها في منديل ، ثم راحا جميعا ، فجعل الشّافعي ينظر إلى إبراهيم ويتبسم إليه ، وجعل إبراهيم ينظر إلى الشّافعي ويتبسّم إليه ، فلما صلّيت العصر قال إبراهيم : أصلحك الله ، هذه ثيابك ، فقال الشّافعي : وهذه ثيابك ، والله لا يعود إليّ منها شيء ولا يلبسها غيرك ، فأخذهما إبراهيم جميعا.
أخبرنا أبو الأعزّ قراتكين بن الأسعد ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا أبو الحسن بن مردك ، أنبأنا أبو محمّد بن أبي حاتم ، حدّثنا محمّد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري قال :
كان الشّافعي أسخى الناس بما يجد ، وكان يمرّ بنا فإن وجدني وإلّا قال : قولوا لمحمّد إذا جاء يأتي المنزل فإنّي لست أتغدى حتى يجيء (١) ، فربما جئته فإذا قعدت معه على الغداء قال : يا جارية اضربي لنا فالوذج (٢) ، فلا تزال المائدة بين يديه حتى تفرغ منه فنتغدى (٣).
أخبرنا أبو الحسن بن البقشلان ، أنبأنا أبو المظفر النّسفي ، أنبأنا محمّد بن أحمد الحافظ ، حدّثنا خلف بن محمّد بن إسماعيل ، حدّثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمود بن حمزة النيسابوري المالكي ـ ببخارى ـ أنبأنا أبو سليمان داود بن علي بن خلف الأصبهاني (٤) ، حدّثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد قال :
كان الشّافعي من أجود الناس وأسمحهم كفّا ، كان يشتري الجارية الصناع التي تطبخ وتعمل الحلواء ، ويشترط عليها هو أنه لا يقربها لأنه كان عليلا لا يمكنه أن يقرب النساء في وقته لباسور كان به ، ويقول لنا : تشهّوا ما أحببتم ، فقد اشتريت جارية تحسن أن تعمل ما تريدون ، قال : فيقول لها بعض أصحابنا : اعملي لنا اليوم كذا وكذا ، فكنا نحن الذي نأمرها بما نريد وهو مسرور بذلك.
أخبرنا أبو القاسم محمود بن أحمد بن الحسن بن علي الحدادي ـ بتبريز ـ أنبأنا أبو
__________________
(١) إلى هنا الخبر في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٩.
(٢) الفالوذج : حلواء تعمل من الدقيق والعسل والماء.
(٣) حلية الأولياء ٩ / ١٣٢.
(٤) من طريقه رواه أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء ٩ / ١٣٣ وسير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٩ وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٢٠١ ـ ٢١٠) ص ٣٢٥.