أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي بن الخضر ، أنبأنا أبو محمّد عبد الله بن الحسن ، أنبأنا عبد الرّحمن بن محمّد بن يحيى ، أنبأنا أبو موسى هارون بن محمّد ، حدّثنا أبو يحيى زكريا بن أحمد البلخي ، حدّثنا أبو جعفر الترمذي (١) قال : سمعت الربيع يقول : كان الشّافعي به هذه البواسير (٢) قال : وكانت له لبدة محشوة محلبة فكان يقعد عليها ، فإذا ركب أخذت تلك اللبدة ومشيت خلف حماره ، فبينا هو يمرّ إلى منزله ناوله إنسان رقعة فيها : إنّني رجل بقّال ، أبيع البقل ، ورأس مالي درهم ، وقد تزوجت امرأة وأريد أن أدخل بها وليس لي إلّا ذلك الدرهم تعينني بشيء؟ فقال لي : يا ربيع أعطه (٣) ثلاثين دينارا وأعذرني عنده ، قال : قلت : أصلحك الله ، إنّ هذا تكفيه عشرة دراهم ، قال : ويحك يا ربيع ، وما نصنع بثلاثين دينارا ، أفي كذا ، أم في كذا ـ يعد ما يصنع في جهازه ـ أعطه ثلاثين دينارا ، وأعذرني عنده.
أخبرنا أبو الفتح المصّيصي ، أنبأنا أبو البركات البغدادي ، أنبأنا أبو القاسم الأزهري ، أنبأنا أبو علي بن حمكان ، حدّثنا محمّد بن الحسن النقّاش ، حدّثنا الحسين بن إدريس بهراة ، حدّثنا الربيع بن سليمان قال : ولدت لنا شاة في زمان ليس فيه لبأ فأمرت بلبئها فعمل ، ثم تركته حتى برد واستحكم ، وصفّيته ، وجعلته في جام ، ولففته في منديل ديبقي ، وختمته ، وأنفذته إلى الشّافعي لأتحفه به ، فأعجبه ، فقبله ، وردّ عليّ الجام ، وفيه مائة دينارا عينا.
قرئ على أبي الحسن الموازيني عن أبي عبد الله القضاعي ، أنبأنا محمّد بن أحمد بن محمّد ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن الحسن بن عبد الخالق الخولاني ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي ـ إملاء من حفظه ـ حدّثنا محمّد ابن بنت الشّافعي قال : سمعت عمي إبراهيم ابن محمّد يقول :
باع الشّافعي ضيعة له بعشرة آلاف درهم ، فصبّه على نطع بمنى ، فكلّ من أتاه حثى له ـ من الأشراف وأهل العلم ، وأهل الأدب بكفّه ـ حتى بقي شيء يسير على النطع ، فأتاه أعرابي من بني سدوس فقال له : يا فتى لي عندك يد ، فكافئني عليها قال له : وما تلك اليد يا عمّ؟ قال : حضرت هذا الموسم وأنت مع عمومتك وهم يشترون الأضحية فضربت يدك [إلى
__________________
(١) من طريقه رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ١٠ / ٣٨.
(٢) الباسور : علة معروفة ، الجمع : البواسير ، (القاموس المحيط) ، وهذه العلة تحدث في المقعدة.
(٣) بالأصل : أعطيه ، خطأ ، والمثبت عن م ، ود ، و «ز».