وسلّم الشيخ وجلس ، وأخذ الشّافعي ينظر إلى الشيخ هيبة له ، إذ قال الشيخ : أسأل؟ فقال : سل (١) ، قال : أيش الحجّة في دين الله؟ فقال الشّافعي : كتاب الله ، قال : وما ذا؟ قال : وسنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : وما ذا؟ قال : اتفاق الأمّة ، قال : من أين قلت : اتفاق الأمة من كتاب الله؟ ـ زاد نصر الله : أمن سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ ـ قال : فقال : من كتاب الله! قال : فتدبّر الشّافعي ساعة فقال الشّافعي : ـ وقال نصر الله : فقال : ـ يا شيخ قد أجّلتك ثلاثة أيام ولياليها ، فإذا جئت بالحجة من كتاب الله ـ وقال الفارسي : من كتاب ـ في الاتفاق وإلّا تبّ إلى الله عزوجل ، قال : فتغير لون الشّافعي ، ثم إنه ذهب ، فلم يخرج ثلاثة أيام ولياليهن ، قال : فخرج إلينا اليوم ـ وقال نصر الله : في اليوم الثالث في ذلك الوقت ـ يعني ـ بين الظهر والعصر ، وقد انتفخ وجهه ويداه ورجلان وهو مسقام ، فجلس ، فلم يكن بأسرع أن جاء الشيخ ، فسلّم وجلس ، فقال : حاجتي ، فقال الشّافعي : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرّحمن الرحيم ، قال الله عزوجل : (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ)(٢) لا يصليه على على خلاف المؤمنين إلّا وهو مرضي قال : فقال : صدقت ، وقال : فذهب.
[قال](٣) الفريابي : قال المزني أو الربيع : قال الشّافعي : فلما ذهب الرجل قرأت القرآن في كلّ يوم وليلة ثلاث مرّات حتى وقفت [عليه](٤).
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد ، أنبأنا أبو البركات البغدادي ، أنبأنا أبو القاسم الأزهري ، أنبأنا أبو علي بن حمكان قال : سمعت الزبير بن عبد الواحد يقول : سمعت عبد الله بن محمّد بن جعفر يقول : سمعت الربيع يقول : سمعت الشّافعي يقول : لما أردت إملاء : «تصنيف أحكام القرآن» قرأت القرآن مائة مرة.
قال : وحدّثنا الزبير بن عبد الواحد الأسدآباذي ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن جعفر ـ قاضي الرّملة ـ حدّثنا أبو حاتم الرازي ، حدّثني يحيى بن عبد الرزّاق ، قال : سمعت المزني يقول : ما رأيت رجلا أعقل من الشافعي.
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن
__________________
(١) مكان «فقال : سل» بياض في م.
(٢) سورة النساء ، الآية : ١١٥.
(٣) زيادة للإيضاح عن م ، ود.
(٤) مكانها بياض بالأصل ، والمثبت عن م ، ود.