علي السمرقندي ، وراق داود بن علي قال : سمعت أبا سليمان داود بن علي (١) يقول : قال لي إسحاق بن إبراهيم بن راهويه : ذهبت أنا وأحمد بن حنبل إلى الشّافعي بمكة ، فسألته عن أشياء ، فرأيته رجلا فصيحا ، حسن الأدب ، فلمّا فارقناه أعلمني جماعة من أهل الفهم بالقرآن ، أنه كان أعلم الناس في زمانه بمعاني القرآن وأنه قد كان أوتي فهما في القرآن (٢) ولو كنت عرفت ذلك منه ، قال أبو سليمان : فرأيته يتأسف على ما فاته من الشّافعي ، قال أبو سليمان : عبد العزيز المكي أحد من له فهم بمعاني القرآن ، كان أحد أصحاب الشّافعي وممن أخذ عنه (٣).
أخبرنا أبو الفتح الفقيه ، أنبأنا أبو البركات المقرئ ، أنبأنا أبو القاسم الصّيرفي ، أنبأنا الحسن بن الحسين ، حدّثني إبراهيم بن محمّد بن جعفر الطبري الجلابي الرّوياني بهمذان ، قدم حاجا ، قال : سمعت أبا العباس أحمد بن محمّد العتابي يقول : سمعت أبا بكر أحمد بن الفضل النجار يقول :
سمعت إسحاق بن راهويه يقول : وقد اجتمع مع أحمد بن حنبل ببغداد ، والشافعي نازل بباب الطاق : يا أحمد بلغني أن رجلا من قريش جاء إلى بغداد إلى عندكم ، وهو نازل بباب الطاق ، فكيف ترى أن نلقاه؟ قال أحمد : إنه رجل إمام من أئمة المسلمين ، وقد رأيته مرّات وعدت إليه عودة بعد عودة ، ولكن قم بنا إليه ، قال إسحاق : فقمنا إليه ، فوجدناه يقرأ القرآن ، فسلّمنا عليه وأجلسنا ، فجلسنا بجنبه ، فلمّا أن فرغ من درسه التفت إلى أحمد فقال : يا أبا عبد الله من الرجل؟ فقال : أخونا إسحاق بن راهويه ، قال إسحاق : فأدناني منه وأدناني وعانقني وقال : الحمد لله الذي جمع بيني وبينكما قال إسحاق : فتناظرنا في الحديث ، فلم أر أعلم منه ، ثم تناظرنا في الفقه فلم أر أفقه منه ، ثم تناظرنا في القرآن فلم أر أقرأ منه ، ثم تناظرنا في اللغة ووجدته بيت اللغة ، وما رأت عيناي مثله قط ، حتى تمنّيت أن أكون سريا لثيابه في سرجه ، قال : فخرجنا من عنده ، فالتفت إليّ أحمد فقال لي : يا أبا يعقوب ، كيف رأيت الرجل؟ قال : فقلت : راجحا وافرا ، زاد الله مثله في المسلمين.
أخبرنا (٤) أبو المظفّر بن القشيري ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا أبو عبد الله الحافظ
__________________
(١) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٩٧ وتاريخ بغداد ٨ / ٣٦٩.
(٢) كذا بالأصل وم ود ، وفي المختصر : القراءات.
(٣) كتب بعدها بالأصل وم : إلى.
(٤) كتب فوقها بالأصل : ملحق.