أنه مرّ بي حرف إلّا وقد علمت المعنى فيه ، والمراد ما خلا حرفين ، قال أبي : حفظت أحدهما ونسيت الآخر ، أحدهما (دَسَّاها)(١).
أخبرنا أبو المعالي محمّد بن إسماعيل ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن الحسين (٢) ، أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن محمّد بن منجويه الدّينوري ـ بالدامغان ـ حدّثنا الفضل بن الفضل الكندي ، حدّثنا زكريا بن يحيى السّاجي ، حدّثنا ابن بنت الشّافعي قال : سمعت أبي يقول :
أقام الشّافعي على العربية وأيام الناس عشرين سنة ، فقلنا له في ذلك فقال : ما أردت بهذا إلّا الاستعانة على الفقه.
قال : وأنبأنا أبو عبد الله الحافظ ، أنبأنا أبو الوليد حسّان بن محمّد الفقيه ، حدّثنا إبراهيم ابن محمود ، حدّثني أبو سليمان ـ يعني داود الأصبهاني ـ حدّثني مصعب بن عبد الله الزّبيري قال :
قرأ عليّ الشّافعي أشعار هذيل حفظا ثم قال لي : لا تخبر بهذا أهل الحديث فإنهم لا يحتملون هذا.
قال مصعب : وكان الشّافعي يسمر مع أبي من أول الليل حتى الصّباح ولا ينامان ، قال : وكان الشّافعي في ابتداء أمره يطلب الشعر وأيّام الناس والأدب ثم أخذ في الفقه بعد ، قال : وكان سبب أخذه في الفقه أنه كان يوما يسير على دابّة له وخلفه كاتب لأبي ، فتمثّل الشّافعي ببيت شعر ، فقرعه كاتب أبي بسوطه ثم قال له : مثلك [يذهب](٣) بمروءته في مثل هذا؟ أين أنت عن الفقه؟ فهزه ذلك ، فقصد لمجالسة الزّنجي بن خالد مفتي مكة ، ثم قدم علينا فلزم مالك بن أنس.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسن الخبّازي (٤) المقرئ قال : سمعت الشيخ أبا علي السّيوري (٥) ـ وهو الحسين بن علي بن محمّد السراج ـ يقول : سمعت محمّد بن يعقوب يقول : حدّثنا الربيع بن سليمان عن الشّافعي قال :
__________________
(١) من سورة الشمس من الآية ١٠ وتمامها (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها).
(٢) كتاب المناقب للبيهقي ١ / ٩٦.
(٣) زيادة لازمة للإيضاح عن المختصر.
(٤) الخبازي بفتح الخاء وتشديد الباء المفتوحة وبعد الألف زاي ، هذه النسبة إلى الخبز ، عمله أو بيعه (اللباب).
(٥) هذه النسبة إلى عمل السيور ، وذكر السمعاني : أبو علي الحسين محمّد بن علي بن إبراهيم السيوري من أهل نيسابور.