أتيت مالك بن أنس وأنا ابن ثلاث عشرة سنة ، وكان ابن عمّ لي والي المدينة فكلّم لي مالكا ، فأتيته لأقرأ عليه فقال : اطلب من يقرأ لك ، فقلت : أنا أقرأ ، فقال : اطلب من يقرأ لك ، فقلت : أنا أقرأ ، قال : فقرأت عليه ، وكان ربما قال لي لشيء قد مرّ : أعد حديث كذا ، فأعيده حفظا فكأنه أعجبه ، ثم سألته عن مسألة فأجابني ، ثم أخرى ـ زاد ابن القشيري : ثم أخرى ـ وقالا : فقال : أنت تحبّ أن تكون قاضيا.
أخبرنا أبو الأعزّ التركي ، أنبأنا أبو محمّد الجوهري ، أنبأنا علي بن عبد العزيز ، أنبأنا ابن أبي حاتم ، أخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إليّ قال : قال أبي : قال الشّافعي : أنا قرأت على مالك ، وكان يعجبه قراءتي ، قال أبي : لأنه كان فصيحا.
قال : وأنبأنا ابن أبي حاتم ، حدّثني أبو عبد الله محمّد بن الحسن بن الجنيد رفيق أبي في الرحلة ، قال : سمعت عمرو بن سواد السّرخسي (١) يقول : سمعت الشّافعي يقول : تمنّيت من الدنيا شيئين : العلم والرمي ، فأمّا الرمي فإنّي أصيب من عشرة عشرة ، والعلم مما ترون (٢).
أخبرنا أبو العزّ أحمد بن عبيد الله بن كادش ـ إذنا ومناولة ـ وقرأ علي إسناده ، أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافي بن زكريا (٣) ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسن الصوّاف ، حدّثني أحمد بن الصّلت الحمّاني قال : سمعت أبا عبيد يقول : رأيت الشّافعي عند محمّد بن الحسن وقد دفع إليه خمسين دينارا ، وقد كان دفع إليه قبل هذا خمسين درهما وقال : إن اشتهيت العلم فالزم ، ثم دفع إليه هذه الدنانير ولزمه الشّافعي قال أبو عبيد : فسمعت الشّافعي يقول : كتبت عن محمّد بن الحسن وقر بعير ، وسمعته يقول لمحمّد بن الحسن ـ وقد [دفع](٤) إليه الدنانير بعد الخمسين درهما وقال له : لا تحتشم (٥) فقال : ـ ما أنت عندي في موضع أحتشمك وجرى ذكر الشراب ، فقال الشّافعي : الحمد لله لو علمت أنّ الماء البارد
__________________
(١) رسمها وإعجامها مضطربان بالأصل ، وم ، ود ، وت ، وتقرأ : «السرحي» تصحيف والصواب ما أثبت ، تقدم التعريف به.
(٢) تقدم الخبر فيما مضى ، بأوسع من هذه الرواية.
(٣) رواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ٣ / ١٣١.
(٤) الزيادة للإيضاح عن م ، وت ، ود ، والجليس الصالح.
(٥) أي لا تخجل.