أجود الناس ثوبا أبيض ، ومن أطيب الناس ريحا (١).
أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن محمّد بن المجلي (٢) ، أنا أبو الحسين بن المهتدي ـ إجازة ـ إن لم يكن سماعا ، أنا أبو الحسين عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة الخلّال ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة ، حدّثني جدي قال : حدثنيه بشر بن مهران الخصّاف ، نا شريك ، عن عثمان بن المغيرة ، عن زيد بن وهب قال : قال عبد الله (٣) :
إن أوّل شيء تعلّمته من أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدمت له مكة مع عمومة لي أو أناس من قومي نبتاع منها متاعا ، فكان في بغيتنا شراء عطر ، فأرشدونا على العبّاس بن عبد المطّلب ، فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم ، فجلسنا إليه ، فبينما نحن عنده إذ أقبل رجل من باب الصّفا ، أبيض ، تعلوه حمرة ، له وفرة جعدة إلى أنصاف أذنيه ، أشمّ ، أقنى ، أذلف (٤) أدعج العينين ، برّاق الثنايا ، دقيق المسربة (٥) ، شثن الكفين والقدمين ، كثّ اللحية ، عليه ثوبان أبيضان ، كأنه القمر ليلة البدر ، يمشي على يمينه غلام حسن الوجه ، مراهق أو محتلم تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها حتى قصد نحو الحجر ، فاستلمه ثم استلمه الغلام واستلمته المرأة ، ثم طافا البيت سبعا والغلام والمرأة يطوفان معه ، ثم استقبل الركن فرفع يديه وكبّر وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها وكبّرت ، ثم ركع ، فأطال الركوع ، ثم رفع رأسه من الركوع فقنت (٦) مليا ، ثم سجد وسجد الغلام معه والمرأة يتبعونه ، يصنعون مثل ما يصنع ، فرأينا شيئا أنكرناه لم نكن نعرفه بمكة ، فأقبلنا على العبّاس ، فقلنا : يا أبا الفضل ، إن هذا الدين حدث فيكم ، أو أمر لم يكن نعرفه فيكم؟ قال : أجل ، والله ما تعرفون هذا ، قال : قلنا : والله ما نعرفه ، قال : هذا ابن أخي محمّد بن عبد الله ، والغلام علي بن أبي طالب ، والمرأة خديجة بنت خويلد امرأته ، أمّا والله ما على وجه الأرض أحد نعلمه [يعبد الله](٧) بهذا الدين إلّا هؤلاء الثلاثة.
قال يعقوب : لا نعلمه رواه أحد عن شريك غير هذا الشيخ وهو رجل صالح.
__________________
(١) الخبر في سير أعلام النبلاء ١ / ٤٦٣ وفيه «نويفع» وفي تاريخ الإسلام (الخلفاء الراشدون) ص ٣٨١ ولم يعزه لأحد.
(٢) الأصل : المحلى ، والصواب ما أثبت ، مرّ التعريف به.
(٣) الخبر في سير أعلام النبلاء ١ / ٤٦٣ ـ ٤٦٤ من طريق يعقوب بن شيبة.
(٤) الذلف : قصر الأنف وصغره (اللسان : ذلف).
(٥) المسربة : الشعر المستدق النابت وسط الصدر إلى البطن.
(٦) كذا بالأصل والمختصر ١٤ / ٤٦ وفي المطبوعة : فتثبت.
(٧) الزيادة عن سير أعلام النبلاء.