حفظت (١) من سنّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومغازيه وأحاديثه شيئا؟ قال : كانت تشغلنا عن ذلك أموالنا ، قال : فأحاديث العرب وأيامها وأشعارها؟ قال : لا ، قال : فأحاديث أهل الحجاز ومضاحكها؟ قال : لا ، قال : فأحاديث العجم وآدابها؟ قال : إنّ ذلك شيء ما كنت أطلبه ، فرفع الوليد المنديل وقال : «شاهك» ، قال عبد الله بن معاوية : سبحان الله ، قال : لا والله ما معنا في البيت أحد ، فلما رأى ذلك الرجل خرج فأقبلوا على لعبهم ،
قال القاضي (٢) رحمهالله : ما أعجب كلام الوليد هذا وألطفه وأحسنه وأظرفه.
ويشبه هذا ما روي أن رجلا خاطب معاوية ، فأكثر اللغو في كلامه ، فضجر معاوية وأعرض عنه ، فقال : أأسكت يا أمير المؤمنين؟ ، فقال : وهل تكلّمت؟ ولعمري إن ذا الجهل والغباوة إلى منزله من النقص وسقوط القدر وبمعزل من الطبقة التي تستحق التهيب والإعظام ، والتبجيل والإكرام ، وإن اتفق لهم بالجد ، وطائر السّعد إعظام كثير من الناس لهم ، واغترار طائفة من الأغبياء (٣) بهم ، وقد ذكر أن بذر جمهر سئل : ما نعمة لا يحسد صاحبها عليها؟ قال : التواضع ، قال : فما بلية لا يرحم صاحبها؟ قال : الكبر ، قيل : فما الذي إذا انفرد لم يساو شيئا؟ قال : الحسب بلا أدب
وفي استقصاء القول في هذا الباب طول لا يحتمله هذا الموضع.
أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، نا أحمد بن سليمان الطوسي ، نا الزّبير بن بكّار قال :
ومن ولد معاوية بن عبد الله : عبد الله بن معاوية ، وكان جوادا ، شاعرا ، وأمّ عبد الله وأخيه محمّد ابني معاوية بن عبد الله بن جعفر أم عون بنت عون بن عباس (٤) بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب ، وإخوتهما لأمّهما بنو عبيد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوف الأكابر.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن عبد الباقي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، أنا أبو عمر بن حيّوية ،
__________________
(١) المطبوعة : «هل حفظت؟» والأصل كالجليس الصالح.
(٢) في مختصر ابن منظور ٤ / ٧٧ «قال المصنف» وكتب محققه بالهامش : «هو ابن عساكر» ووهم في ذلك ، فالكلام التالي من كلام القاضي المعافى بن زكريا.
(٣) بدون إعجام بالأصل ، وفي الجليس الصالح : «الأغنياء» ولعل الصواب ما ارتأيناه وهو يوافق عبارة المطبوعة.
(٤) بالأصل : عياش ، والمثبت عن جمهرة ابن حزم ص ٧٠.