أبي الوليد سعيد بن مينا قال :
لما فرغ أهل مؤتة ، ورجعوا أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالمسير إلى مكة ، فلما انتهى إلى مرّ [الظهران](١) بالعقيقة (٢) وأرسل الجناة يجنون (٣) الكباث (٤) فقلت لسعيد : وما هو؟ قال : ثمر الأراك ، فانطلق ابن مسعود فيمن يجتني ، فجعل إذا أصاب حبة طيبة قذفها في فيه ، وكانوا ينظرون إلى دقة ساقي ابن مسعود وهو يرقى في الشجرة فيضحكون ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تعجبون من دقّة ساقيه ، فو الّذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد» ، وكان ابن مسعود ما اجتنى من شيء جاء به وخياره فيه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال :
هذا جناي وخياره فيه |
|
إذ كل جان يده إلى فيه |
أخبرنا أبو بكر [محمّد](٥) بن الحسين [نا أبو الحسين](٦) بن المهتدي ، أنا أبو الحسن علي بن عمر الحربي ، نا أبو سعيد حاتم بن الحسن الشاشي ، نا عبد بن حميد ، نا جعفر بن عون ، أنا المعلّى بن عرفان ، قال : سمعت أبا وائل يقول : سمعت ابن مسعود يقول :
لما قتلت أبا جهل أنا وابنا عفراء ، تغامز أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم لقوة أبي جهل وضعف قوة ابن مسعود ودقة ساقيه فلحن إليهم (٧) رسول الله صلىاللهعليهوسلم كلاما قال : «والّذي نفسي بيده لساقا عبد الله يوم القيامة أثقل من أحد» [٦٧٨٢].
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنا أبو الغنائم بن المأمون ، أنا أبو الحسن الدارقطني ، نا القاضي أبو عبد الله الحسين بن الحسين بن عبد الرّحمن الأنطاكي ، نا محمّد بن سليمان بن أبي فاطمة أبو جعفر ـ بمصر ـ نا أسد بن موسى ، نا جرير بن حازم ، عن عطاء بن السّائب قال : أنبأني أبو وائل قال : سمعت عبد الله بن مسعود يقول :
لما قتلت أبا جهل قال نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قوة ابن مسعود لقوة أبي جهل ، وحمشة (٨) ساق عبد الله ودقته وإن رسول الله صلىاللهعليهوسلم صرف بصره إليهم ولحن (٩) كلامهم ثم
__________________
(١) مرّ الظهران : موضع على مرحلة من مكة. (معجم البلدان).
(٢) اللفظة بدون إعجام بالأصل ، والمثبت عن المختصر ١٤ / ٥٢ وفي دلائل النبوة للبيهقي : بالعقبة.
(٣) في دلائل البيهقي والمختصر : يجتنون.
(٤) الكباث : النضيج من ثمر الأراك ، وحبه فويق حب الكزبرة في القدر. وفي المختصر : «اللباب» وفي المطبوعة : اللبان.
(٥) الزيادة في الموضعين للإيضاح والسند معروف.
(٦) الزيادة في الموضعين للإيضاح والسند معروف.
(٧) كتبت فوق الكلام بالأصل بين السطرين.
(٨) كذا بالأصل هنا ، ومر : حموشة.
(٩) أي خطّأهم ، والتلحين : التخطئة.