ولكنّهم دفعوه عنها بالرّاح (١) وتعصّبوا عليه ، ونادوا بالقانت الأوّاب السّيّد عليّ بن عبد الرّحمن المشهور (٢) خليفة عن والده في الدّروس ، فقام بها ، ولكن كان حظّه من العبادة والزّهادة أوفر من العلم ، توفّي سنة (١٣٤٤ ه).
وممّا كنت أستخرج به العجب والاعتبار ممّن يحضرني : أنّني شهدت موسم زيارة نبيّ الله هود عليه السّلام سنة (١٣٤٠ ه) ، وكان حفلا عظيما ، حضره الوالد المفضال مصطفى بن أحمد المحضار في جماعة من أهل دوعن ، ومع أنّ أكثر الخطابة إليّ في تلك المحافل الشّريفة .. لا أجلس أنا والأخ الفاضل عبد الله بن عمر الشّاطريّ إلّا في الأطراف ؛ لكثرة الأجلّاء من الأشياخ ، وأكثرهم من الغنّاء تريم. ثمّ شهدته في سنة (١٣٥٠ ه) فكنت أنا والأخ عبد الله بن عمر في الصّدر ، وبه ذكرت أنّ بعض فقهاء الشّافعيّة جلس مجلس شيوخه ، فأطال الوقوف بالباب يبكي ، ثمّ أنشد [من الكامل] :
خلت الدّيار فسدت غير مسوّد |
|
ومن الشّقاء تفرّدي بالسّؤدد (٣) |
وجرت بين شيخنا العلّامة علويّ بن عبد الرّحمن المشهور ، وبين علماء تريم بمن فيهم من تلاميذه مناقضات في عدّة مسائل.
منها : ما إذا قال رجل : أنفق على أهل بيتي. ولم يقل : على أن ترجع عليّ. وطال النّزاع في ذلك ، وأصفقوا على خلافه ، وساعدهم عليه طلبة العلم بسيئون ، وهو مصمّم على رأيه ، ولا أحفظ حاصل ذلك.
__________________
في ثلاثة أجزاء ، طبع الأولان في مجلّد وبقي الثالث مخطوطا.
(١) الرّاح ـ جمع راحة ـ : باطن اليد.
(٢) ولد الحبيب علي بن عبد الرحمن بتريم في (٢١) ربيع الثاني (١٢٧٤ ه) ، وتوفي في (٩) شوال (١٣٤٤ ه) ، من عبّاد تريم وزهادها ، له أحوال وأخبار جليلة ، وجمع بعض تلامذته نبذة من كلامه ، وترجمته في مجموع سمّاه : «لمعة النور».
(٣) انظر القصّة في «شذرات الذّهب» (٢ / ١٧) ، وصاحب القصّة هو شيخ الشّافعيّة ، العلّامة الشّاشي ، أبو بكر محمّد بن أحمد بن الحسين ، رحمه الله تعالى.