وأدغمت الياء في الياء كسر ما قبل الياء (١) ، فلم تبق (٢) علامة الرفع التي هي الواو في اللفظ ، فصار الإعراب في حالة الرفع (٣) (تقديريا) بخلاف حالتي النصب والجر فإن الإدغام لا يخرج الياء عن حقيقتها ، فإن الياء المدغمة أيضا ياء ، وقد يكون الإعراب بالحروف تقديريا في الأحوال الثلاث في مثل : (جاءني أبو القوم) و (رأيت أبا القوم) و (مررت بأبي القوم) ، فإنه لما سقط حروف الإعراب عن اللفظ بالتقاء الساكنين لم يبق الإعراب (لفظا) بل صار (تقديريا) (٤). (واللفظي) أي : الإعراب المتلفظ به (٥). (فيما عداه) يعني فيما عدا (٦) ما ذكر مما تعذر فيه الإعراب أو استثقل (٧) ، ...
__________________
(١) أي : ياء المدغمة لزيادة التخفيف ؛ لأن الكسرة أخف من الضمة ، فصار مسلمي فحصل التخفيف من جهات ثلاث : قلب الواو ياء ، وإدغام الياء في الياء ، وكسر ما قبلها ؛ لأن الياء أخف من الواو ، والإدغام من فكه ، والكسرة من الضمة ، تأمل. (توقادي).
(٢) قوله : (فلم يبق علامة الرفع) يعني أن القلب يخرج الواو حقيقة فلا يكون الواو واوا ، فيم يبق علامة الرفع الذي هو الواو بخصوصه ، بخلاف الإدغام فإن الإدغام لا يخرج الياء عن حقيقته ، فإن الياء المدغم أيضا فيبقى علامة النصب والجر الذي هو الياء. (وجيه الدين).
(٣) قوله : (حالة الرفع تقديريا) وذلك لامتناع أن يكون الياء حقيقة عن الواو بدلا عنها في الدلالة ، كما جعلت كسرة جمع المؤنث السالم بدلا عن الفتحة ؛ لأن الزائل بالإعلال في حكم الثابت.
(٤) لكون حروف الإعراب مقدرة ؛ للاستثقال ، فإن قلت : تقدير الإعراب للاستثقال مسلم في الرفع والجر ؛ لكون الواو والياء يتحملان الحركة ، ولكن يثقل على اللسان ، وأما في النصب فغير مسلم ؛ لأن تقدير الإعراب ليس إلا للتعذر ؛ لأن الألف ما دام ألف لا يقبل الحركة ، قلت : لأن الألف فيه كانت واوا ؛ لأن أصله حال إعرابه : رأيت أبو القوم ، فقلبت الألف لتحركها وانفتاح ما قبلها. (محرم أفندي).
(٥) الجار مع مجروره نائب الفاعل الضمير إلى الموصوف ، يريد توجيه إفراد الضمير مع تعدد مرجعه بأنه راجع إلى المذكور ، وقال العصام : إن المتعدد إذا ذكر بالعطف بكلمة ، أو يجوز إفراد الضمير الراجع إليه ؛ لأنه في الحقيقة راجع إلى أحد الأمور ، لا إلى المجموع. (عصمت).
(٦) قوله : (يعني : فيما عدا ما ذكر ... إلخ) يعني : أن ما عدا اللفظي في موضعان ، فالمناسب أن يقول : فيما عداهما ، فأجاب الشارح بأن إفراد الضمير باعتبار المذكور للاختصار ، وهذا شائع في كلامهم بأن الضمير إفراد باعتبار ما ذكر ، والقضية الحقيقة المنفصلة وهي قوله : (التقدير فيما تعذر واستثقل) من قبيل مانعة الجمع فقط ، فالظاهر أن يقال : فيما عداهما ، كما في قوله تعالى : (إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما)[النساء : ١٣٥] آية ، ولما خالف المصنف للظاهر بإفراد الضمير لزم التأويل ، وبهذا التحقيق سقط ما ذكره المحشي عصام الدين. (حلبي).
(٧) فالمقصود أنك إذا عرفت أن الإعراب التقديري في أيّ : صورة كان ، فاعلم أن ما سواه لفظي ـ