وإمّا لما وقع في شعر الأعشى من قوله :
الواهب المائة الهجان (١) وعبدها.
فإنّ قوله (وعبدها) بالجرّ معطوف على المائة ، فصار المعنى باعتبار العطف : الواهب عبدها.
فهو من باب (الضارب زيد) ، فكما لا يمتنع ذلك حيث أتى به بعض البلغاء لا يمتنع هذا.
فأجاب المصنف عنه بقوله : (وضعف (٢) الواهب (٣) المائة الهجان (٤) وعبدها) يعني: هذا القول ضعيف لا يقوى في الفصاحة ، بحيث يستدل به ، لما عرفت من امتناع مثل ، (الضارب زيد) لعدم الفائدة في الإضافة ، ولا يخفى (٥) أن فيه شوّب (٦) مصادرة (٧) على المطلوب.
اللهم (٨) ...
__________________
(١) نعت المائة أو مضاف إليه للمائة وخول اللام على عدد المضاف جائز عند الكوفيين. (تركيب).
(٢) الأولى أن يكون من التضعيف يعني ضعف الفصحاء فلم يكن موثوقا به يستدل به وحينئذ لأشوب للمصادرة. (ع ص).
(٣) إضافة الواهب إلى المائة جائز للتشبيه بالحسن الوجه وأما الواهب عبدها غير جائزة لعدم التشبيه بالحسن الوجه. (هندي).
(٤) أي : عند تلك المائة أي : راعيها على الاستعادة إذ الراعي قائم بخدمة الماشي كالعبد أو على الحقيقة أو الإضافة لأدنى ملابسة ككوكب الحرقاء وحد طرفك وآخر البيت. (رضا).
(٥) قوله : (ولا يخفى أن فيه شوب) ؛ لأن إثبات المطلوب يتوقف على إبطال دليل الخصم وإبطاله يتوقف على إثبات المطلوب. (لارى).
(٦) وجه الدوران هذا القول أي : وضعف الواهب المائة دليل الامتناع الضارب زيد وذلك الامتناع دليل على ضعف هذا القول فيتوقف امتناع الضارب زيد على ضعف هذا القول وضعف هذا القول يتوقف على امتناع الضارب زيد فيلزم الدور وهذا قوله شوب.
(٧) والمصادرة على أربعة أضرب أحدها أن يكون المدعى عين الدليل والثاني أن يكون المدعي جزء الدليل والثالث أن يكون المدعي موقوفا على صحة الدليل وهذا مما نحن فيه والرابع أن يكون المدعي موقوفا على صحة جزء الدليل والكل باطل لاشتماله على الدور الباطل. (سعد الله).
(٨) قوله : (اللهم) أشار بذلك إلى ضعف هذا التوجيه ؛ لأنه خلاف الظاهر في العبادة. (وجيه الدين).