(ذهبت راكبة بهند) فكأنك قلت : أذهبت راكبة هندا.
وأجاب بعضهم عن هذا الاستدلال : بجعل (١) (كافة) حالا عن الكاف والتاء (٢) للمبالغة.
وبعضهم يجعلها صفة لمصدر أي : إرسالة كافة.
وبعضهم يجعلها مصدرا (٣) ، كالكاذبة ، والعاقبة والكل تكلف (٤) وتعسف (وكلّ ما دلّ على هيئة) أي : صفة سواء كان الدال مشتقا أو جامدا (صحّ أن يقع حالا) من غير أن يؤول الجامد بالمشتق ؛ لأن المقصود من الحال بيان الهيئة (٥) ، وهو حاصل (٦) به ،
__________________
(١) قوله : (يجعل كافة حالا من الكاف) والمعنى : وما أرسلناك إلا مانعا للناس عما يضرهم. إن قلت : إنه عليهالسلام كما أرسل مانعا ناهيا أرسل آمرا فكيف يصح الحصر؟ قلنا : الحصر إضافي كما إذا جعلته حالا من الناس ؛ لأنهصلىاللهعليهوسلم مبعوث إلى الثّقلين. إن قلت : الحال قيد للعامل فيلزم أن يكون الكف في وقت الإرسال وليس كذلك لتراخيه عنه؟ قلنا : الحال مقدرة والتقدير لا يلزم أن يكون من صاحب الحال كما مرت الإشارة إليه (عب).
(٢) قوله : (والتاء للمبالغة) جواب سؤال مقدر تقديره أن الكاف مذكر والتاء مؤنث والحال يجب أن يكون مطابقا لذي الحال ، وتقدير الجواب : أن التاء فيه للمبالغة لا للتأنيث كعلامة والمعنى : وما أرسلناك إلا كافة أي: مانعا للناس عن الشّرك والكبائر مبالغة فيه (وجيه الدين).
ـ وكثير منهم ذهبوا إلى أن تاء المبالغة مخصوصة بفعال وفعول ومفعال (عب).
(٣) منصوبا بفعل محذوف ؛ لأن الفاعلة قد يجيء بمعنى المصدر كالكاذبة والعافية ، أي : وما أرسلناك إلا لتكف كافة والجملة حال مقدرة (عافية شرح الكافية).
(٤) التكلف في الكلام وغيره استلزام غير الظاهر من غير ظهور دليل ، والتعسف الأخذ على طريق غير الواضح كما في راكب التعاسف فهو أقبح من التكلف (حاشية).
ـ قوله : (والكل تكلف وتعسف) وذلك أن المعنى إنا أرسلناك إلى جميع الناس والتأويلات التي ذكروها لا يطابق هذا المعنى وأيضا أن كافة لا يخرج عن النصب على الحالية فلا يكون مصدرا ولا صفة محذوف (وجيه الدين).
ـ أما كون الأول تكلفا فلأن تاء المبالغة في الفاعل غير معلوم الوقوع حتى أنكرها البعض في غير فعال وفعول ومفعال والاستشهاد بالكافة والشافة غير سديد ؛ لأنه بتقدير موصوف وأما كون الثاني تكلفا فلأنه لا حاجة إلى تقدير الموصوف ، وأما كون الثالث تعسفا فلأن كافة غير مضافة لازمة الحالية بمعنى جميعا (ع ص).
(٥) أي : الصفة التي عليها صاحب الحال حين صدر عنه الفعل أو وقع عليه (م).
(٦) ولهذا لم يشترط المصنف على ما ذهب إليه سيبويه الاشتقاق في الصفة أيضا وبالحقيقة لا مخالفة ـ