مثل : (أزيد ذهب (١) به؟) أي : من باب الاضمار على شريطة التفسير ، فإن (زيدا) فيه وان كان يظن في بادئ النظر انه مما أضمر عامله على شريطة التفسير والمختار فيه النصب لوقوع الاسم المذكور فيه بعد حرف الاستفهام ، لكن يظهر بعد تعمق النظر انه ليس منه فإنه وان صجق عليه انه اسم بعده فعل مشتغل عنه بضميره لكنه ليس بحيث لو سلط عليه هو أو مناسبه لنصبه ؛ لأن (ذهب (٢) به) لا يعمل النصب وكذا مناسبه ، أعني: (أذهب).
فان قلت (٣) : لا ينحصر المناسب في (أذهب) فليقدر مناسب آخر ينصبه مثل : (يلابس) أو (أذهب) على صيغة المعلوم ، فيكون تقديره : أزيدا يلابسه (٤) الذهاب(٥)به،
__________________
ـ النصب لئلا يتوهم فيها كونه مما أضمر عامله في الجملة كما في الصور السابقة وليس كذلك (عصمت).
(١) فإن قلت : عدم كونه من هذا الباب ظاهر لا شبهة فما الحاجة في إيراده قلت : إنما أورده ردا على السيرافي، حيث جوز النصب فيه بناء على جعل المصدر قائما مقام الفاعل ، والجار والمجرور منصوب المحل على أنه مفعول به تقديره : زيدا ذهب ، الذهاب به أي : ذهب زيدا ذهب الذهاب به وهو مردود بوجوه أما الأول فلأنه لا يعلم الفاعل فكيف تقدير ما ذهب زيدا وأما ثانيا فلأنه قال : في اللباب لا يحسن أن يقوم المصدر مقام الفاعل إلا إذا خصص وأما أجازه سيبويه من نحو قيم بالإسناد إلى المصدر ، محمول على أن يكون المصدر مقصود ، تقول : قعد لمن يتوقع القعود أي : قعد القعود الذي يتوقع ، وأما ثالثا فلوجود المفعول به فكيف تقام غيره مقام الفاعل وفيه أن المفعول بالواسطة والمصدر سواء (حاشية هندي).
(٢) ولفظ ذهب يستعمل بأربعة أحرف ، الأول : مثل ذهب به ، والثاني : ذهب عليه ، والثالث : ذهب إليه ، والرابع : ذهب عنه ، أما ذهب به وذهب عليه أي : نسبه ، وذهب إليه أي مشى إليه أذهب وذهب عليه (لمحرره).
(٣) أن هذا المثال إذا لم يجز فيه تسليط الفعل المفسر بعينه ولا مناسبه الذي هو أذهب بالبناء للمفعول ، لا يلزم أن لا يكون من باب إضمار على شريطة التفسير.
(٤) على أن يكون يلابس المقدر مسند إلى ضمير عائد إلى المصدر المجهول الذي دل عليه ذهب تضمنا (قدمي).
(٥) الأظهر أن يقال يلابس زيدا الذهاب به ، وفي هذا المثال ملابسة الصفة للموصوف وفي الثاني ملابسة مبدأ الصفة لموصوفها (لارى).