فان قيل (١) : (باب كان (٢) ، وباب علمت) أيضا مانعان بالاتفاق فما وجه تخصيص (ليت ولعل) قيل : تخصيصهما ببيان الاتفاق إنما هو من بين الحروف المشبهة بالفعل لا مطلقا (٣) ، ووجه (٤) ذلك التخصيص الاهتمام ببيان الاختلاف الواقع فيها.
(وألحق بعضهم) قيل : هو سيبويه (٥) (إنّ) المكسورة (بهما) أي : ب : (ليت ولعل) في المنع عن دخول الفاء في الخبر.
والأصح أنها لا تمنع عنه ؛ لأنها لا تخرج الكلام عن الخبرية إلى الانشائية يؤيده قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ)(٦) [آل عمران : ٩١].
فان قيل : قد الحق بعضهم (أن) المفتوحة و (لكن) بليت ولعل ، فما وجه تخصيص (أن) المكسورة بالالحاق. قيل : بعضهم الذي الحق (أن) ـ المكسورة بهما هو سيبويه ، فاعتد بقوله وذكره ولم يعتد من سواه فلم يذكره مع أن كلا القولين لا يساعدهما القرآن (٧) وكلام الفصحاء.
__________________
(١) منشأ هذا السؤال من كون المنع بالاتفاق مخصوصا بليت ولعل ، يعني : إذا كان المنع مخصوصا بهما فإن قيل.(م).
(٢) واعلم أن هذه الأفعال لا تدخل على الخبر والمبتدأ الذي فيه معنى الشرط ومعنى الاستفهام ، فلا يقال : كان من تضرب يضربك قائما ، ولا كان من أبوك قائما ؛ وذلك لاقتضاء الشرط والاستفهام صدر الكلام.(ابن جني).
(٣) يعني أنهما من بين الحروف المشبهة مانع بالاتفاق ، ولا بالنسبة إلى جميع النواسخ حتى يتجه ما ذكره ، بخلاف غيرهما عن الحروف المشبهة بالفعل ، فإنها مانعة على الخلاف ، فالمقصود بتخصيص الاتفاق بهما من بينهما الإشعار بالخلاف في غيرهما ، فالإتمام ببيان الخلاف فيهما. (وجيه الدين).
(٤) تقديره لم خصص الذكر من بين الحروف المشبهة بقوله : (بالاتفاق) دون باب كان وعلمت. (قدمي).
(٥) ووجه سيبويه أن إن للتحقيق ، والشرط على خلاف ذلك ؛ لأنه لا يأتي إلا في المشكوك والشك ، والتحقيق لا يجتمعان ، ووجه الأخفش أنه يؤكد معنى الكلام ، والذي لا يدخل فيه فلم يبطل معنى الشرط والجزاء بدخوله أي : إن. (غجدواني).
(٦) أي : فلن يخلص من عذاب يوم القيامة ، الفاء محمول على الزيادة عند سيبويه. (كبير).
(٧) ذهب هذا البعض إلى منع هذه الحروف من دخول الفاء في الخبر مع عدم مساعدة القرآن وكلام الفصحاء ، وكذلك في غاية القبح ، والنحاة استنبطوا قواعد النحو من كلام الفصحاء ، فكيف يخالفون في الحكم بكلام الفصحاء. (عصمت).