استجارك (١) أحد من المشركين استجارك. ف : (أحد) (٢) فيها فاعل فعل محذوف وجوبا، وهو (استجارك) الأول المفسّر باستجارك الثاني. وإنما وجب حذفه ؛ لأن مفسّره قائم مقامه مغن عنه ، ولا يجوز (٣) أن يكون (أحد) مرفوعا بالابتداء ، لامتناع دخول حرف الشرط على الاسم ، بل لا بد له من الفعل. (وقد يحذفان) أي : الفعل والفاعل (معا)(٤)دون الفاعل (٥) وحده (في مثل : نعم) جوابا (لمن قال : أقام زيد؟) أي : نعم(٦) قام زيد ، فحذفت الجملة الفعلية ، وذكر (نعم) في مقامها.
وهذا الحذف جائز بقرينة السؤال ، لا واجب ، لعدم قيام ما يؤدي مؤداه في مقامه كالمفسر ، فيلزم في الكلام استدراك.
وإنما قدرا لجملة الفعلية الاسمية بأن يقال : نعم زيد قام ، ليكون الجواب مطابقا للسؤال في كونه جملة فعلية.
__________________
(١) استأمنك وطلب جوارك ، فأجره فأمنه ، حتى يسمع كلام الله ويتدبره ، ويطلع على حقيقة الأمر ، ثم أبلغه مأمنه موضع أمنه إن لم يسلم. (قاضي).
(٢) فأحد فيها فاعل وفعل محذوف وجوبا ... إلخ ، فعلم من أن هناك فعلا محذوفا ومن الفعل المذكور أنه بمعناه ، حذف وفسر ليتحقق الإبهام ، ثم التفسير فإنه أمكن في الذهن. (عيسى).
(٣) هذا جواب سؤال مقدر تقديره أن الحذف خلاف الأصل ، والارتكاب بالحذف تعذر ولا عذر فيه ، والأولى أن يكون أحد مبتدأ ، واستجارك خبر ، فلم يجز أحد مرفوعا بالابتداء ، فأجاب بقوله : (ولا يجوز). (طاشكندي).
(٤) نصب على الظرفية والتنوين عوضا عن المضاف إليه ، وهو متعلق بما وقع حالا عن الضمير في يحذفان ، أي: كائنا كل واحد مع صاحبه ، أي : عنده ، أو بالمصدر أي : حذف كل واحد مع. (عصمت).
(٥) قوله : (دون الفاعل وحده) فإن قلت : كما يجوز أن يقال نعم يحذف الفعل والفاعل ، وأن يقال : نعم قام زيد بذكرهما ، يجوز أن يقال : نعم قام بذكر الفعل وحذف الفاعل ، فيجوز حذف الفاعل ، قلت : إذا قيل في جواب قام زيد : نعم قام كان الفاعل ضميرا مستترا في قام راجعا إلى زيد المذكور في السؤال لا محذوفا فلم يلزم حذف الفاعل وحده. (عصمت).
(٦) فقوله : (نعم) أي : نعم زيد قام ، فإن نعم دالة التصديق ما سبق عليه ، وحذف الجملة ههنا جائز لا واجب ، ونعم قرينة له لا سادة مسد الجملة فلو كانت سادة الجملة كان الحذف واجبا ، فإن السؤال قرينة دالة على جنس المحذوف ، ونعم قرينة دالة على كيفية نسبة من الإيجاب والسلب ، إنما حكم بعد نعم بحذف الفعل والفاعل معا ؛ لأن نعم حرف التصديق لا يفيد معناه الإفرادي بالضمان إلى غيره ، وهو ههنا أفاد معنى الكلام المستقل ، فلا بد من تقدير الكلام المدلول عليه بقرينة الكلام الذي صدق لفظ نعم. (ح ص ع م).