لشخص آخر والمفهوم من قوله : (ما ضرب عمرا إلا زيد) انحصار مضروبية (عمرو) في (زيد) مع جواز أن يكون زيد ضاربا لشخص آخر ، فلو انقلب أحدهما بالآخر (١) انقلب معنى الحصر المطلوب ، وإنما قلنا : بشرط توسطها (٢) بينهما في صورتي التقديم والتأخير ؛ لأنه لو قدم المفعول على الفاعل مع (إلّا) فيقال : (ما ضرب إلا عمرا زيد) فالظاهر أن معناه انحصار ضاربية زيد في عمرو إذ الحصر إنما هو فيما يلي (إلا) فلا ينقلب الحصر المطلوب ، فلا يجب تقديم الفاعل لكن لم يستحسنه بعضهم ؛ لأنه من قبيل (٣) قصر الصفة(٤) على شيء قبل تمامها. وإنما قلنا : الظاهر أن معناه كذا ، لاحتمال أن يكون معناه (ما ضرب أحدا أحد (٥) إلا عمرا زيد) فيفيد انحصار صفة كلّ منهما في
__________________
(١) يعني : لو قال : ضرب زيد إلا عمرا ما ضرب عمرا إلا زيد ، لا يجوز ذلك لما فيه من اختلاف المعنى ، وانعكاس المقصود ، وقس عليه حصر المفعول. (تأمل).
(٢) قوله : (وإنما قلنا بشرط توسطها) يجب عند أكثر النحاة تقديم الفاعل إذا كان المفعول بعد إلا ، ولا يجوز تقديم المفعول لا مع إلا ولا بدونها ، ويجوز تقديم المفعول مع إلا عند السكاكي وجماعة من النحويين ، والظاهر في حل عبارة المتن أن يكون على مذهب أكثر النحويين ، وكأنه دعا الشارح إلى حمل عبارة المتن على مذهب السكاكي أن المصنف علل وجوب التقديم بانقلاب المعنى ، ولك أن تتكلف في التعليل ، فتقول : المراد أنه يلزم الانقلاب في بعض الصور ، وحمل الباقي عليه طرد للباب. (ع ص).
(٣) قوله : (من قبيل قصر الصفة) ؛ لأن الصفة المقصورة على المفعول مثلا هي الفعل الصادر عن الفاعل لا مطلق الفعل ، فلا يتم قبل ذكر الفاعل ، فلا يستحسن قصره ، وإنما جاز على غير الاستحسان نظرا إلى أنها في حكم التام ، باعتبار ذكر متعلقه في الأخر. (حافظ شكندي).
(٤) يعني : أن الفعل صفة ، وهي لا يتم إلا بالفاعل ، ولو قصر الفعل بدون الفاعل كان من قبيل قصر الصفة قبل إتمامها. (ق).
(٥) هذا عند من يجوز استثناء شيئين بأداة واحدة بلا عاطف مطلقا ، وبعضهم يجوز ذلك إذا كان المستثنى منه مذكور والمستثنى بدل منه نحو ما ضرب أحد أحدا إلا زيد عمرا ، والأكثرون على منعه مطلقا ؛ لضعف أداة الاستثناء ، إذ الأصل فيها ، أي : في إلا ، وهي ، حرف فلا يستثنى بها شيئان. (مطول في آخر بحث القصر).
ـ والمجوزون أن يستدلوا بقوله تعالى : (وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ)[هود : ٢٧] أي : ما لزاك اتبعك أحد في حال من الأحوال إلا الذين هم أراذلنا في بادي الرأي ، أي : بلا رؤية قوية ، وقد يرد بأن الظرف متعلق بفعل مقدر ، أي : اتبعوا في بادي الرأي أي : بأن الظرف مما يكفيه رائحة وقيل من الفعل. (عب).