أين يحكم فيهما بالشذوذ؟ ومن هذا تبين الفرق (١) بين الشاذ والمعدول (أو تقديرا) أي : خروجا كائنا عن أصل مقدر مفروض يكون (٢) الداعي إلى تقديره وفرضه منع الصرف (٣) لا غير (كعمر) ، (و) كذلك (زفر) فإنهما لما وجدا غير منصرفين ولم يوجد (٤) فيهما سبب ظاهر إلا العلمية اعتبر فيهما العدل ، لما توقف اعتبار العدل على وجود الأصل ولم يكن فيهما دليل على وجوده غير منع الصرف قدر فيهما أن أصلهما (عامر وزافر)
__________________
(١) لأن المعدول هو الاسم المخرج عما هو الأصل فيه باعتبار الإخراج عنه ؛ لوجود سبب الاعتبار الذي هو عدم الانصراف ، والشاذ ما لم يعتبر إخراجه عما هو القياس فيه لعدم وجود سببه بل كان أولا على خلاف القياس. (ح م).
(٢) اعلم أن الداعي إلى التقدير أمور ثلاثة : أحدها منع الصرف ، وثانيها عدم وجدان علة أخرى سوى العلمية، والثالث عدم صلاحية علة أخرى للاعتبار سوى العدل ، والجواب أن الداعي يكون أمرا وجوديا وهو منع الصرف هنا لا غير ، وأما الأمران الآخران العدميان فهما ارتفاع المانع ، ولا يقال لهما الداعي. (عصمت).
ـ قوله : (في العدل التقديري) أن يكون الداعي منع الصرف ، هذا أحسن ممن اشتهر في الشروح من أن الداعي منع صرفه ؛ وذلك لأنهم اختلفوا في اسم امتنع أخواته ، ولم يعرف حاله في كلامهم أنه منصرف على الأصل والقياس ، وجزم الشيخ الرضي وآخرون بأنه غير منصرف إلحاقا بالأغلب ، فإن قلنا به فيجب أن يقال في تعريف التقديري : أن يكون الداعي منع صرف أخواته ويفسر التعريف المشهور ، ويجب أن يراد في التحقيقي أيضا أن يكون دليل غير منع صرفه ، أو منع أخواته ، وإن قلنا بصرفه فالتعريفات على الظاهر ، وقول الشارح : منع الصرف عبارة حسنة يمكن أن يحمل على المذهبين ، فعلى مذهب الشيخ يراد منع صرفه أو أخواته ، وعلى غيره يراد منع صرفه ، فتدبر. (عيسى الصفوي).
(٣) لا يقال : إن هذا مناف لما سبق وهو قوله : (أعلم أنا نعلم قطعا ... إلخ) ، إذ يفهم منه أن الداعي إلى تقديره أمور ثلاثة وهي : وجد غير منصرف ، وعدم وجدانهم فيه سبب ظاهرا غير العلمية ، وكون العدل فقط صالحا للاعتبار لنا نقول : إن المذكور فيما سبق هو الداعي إلى تقدير العدل ، وأما المذكور فيما نحن فيه الداعي إلى تقدير الأصل المعدول عنه فاندفع المنافاة. (سيد جلال).
(٤) قوله : (ولم يوجد ... إلخ) أما انتفاء الوصف والتأنيث فلكونهما علمين للمذكر وتضاد الوصف العلمية والتذكير التأنيث ، وأما انتفاء العجم وغيرها فلكونهما عربيين ، وكون كل منهما موحدة ، وليس فيهما ألف ونون مزيدتان ، وليسا على وزن الفعل ؛ إذ لم يجيء الفعل على هذا الوزن. (وجيه الدين).