بللها بالسمن وأشعلها تحت القدور ، فلما كان يوم العيد وصلت الناس صلاة العيد قام عمرو وسبق أخاه زيدا وقال : باسم الله يا أصحابى إلى دارى بارك الله فيكم ، فدخلت الناس داره إلى أطعمة وأشربة وأشوية خلاف العادة ، فقام زيد وقال لعمرو : يا أخى من أين لك الحطب؟ قال عمرو : لما منعت الحطب من قلة خيرك أوقدت الخيوش المنقوعة بالسمن الكثير ، فعند ذلك تعب أخوه زيد من علو همته وآكل جميع من فى غلافقة من داره ولم تقبل إلا على طعام عمرو ، فتعجب زيد من فعله وعلو همته وقال : يا أبا محمد ، قدمك فى الموضع الماحل ، أورق العود فى كفك وهو فاضل ، والبخل إذا ما سمعك انتزح راحل ، وأنت كالبحر ، وكفك للعطا ساحل.
وأنشدنى زكرى بن سكيلا بن عبد الله البحترى يمدح جياش بن نجاح :
المشترى حلل الثناء بما حوت |
|
كفّاه والحامى لها أن تشترى |
والموقد النارين : نارا للوغى |
|
لا تنطفى أبدا ، ونارا للقرى |
فصل : سئل إبليس : من أحب الناس إليك؟ قال : عابد بخيل ، قيل : فمن أبغض الناس إليك؟ قال : فاسق سخى ، قيل : وكيف ذاك؟ قال : لأنى أرجو أن لا يقبل الله عبادة البخيل ، وأعلم أنه لا يتم له شىء من خير مع البخل ، ولا آمن من أن يطلع الله على العبد الفاسق فيرى بعض سخائه فينجيه ويرحمه به.
فصل : وكان لأبى دلف القاسم بن عيسى العجلى جار وكان لله عليه نعمة فسلبها فآل أمره إلى بيع داره فساوموه فيها ، فقال : بألف وخمسمائة دينار! فقيل : يا هذا إنما تساوى دارك ألف دينار ، فقال : وجوارى من أبى دلف بخمسائة دينار!