وتملك بعده ولده عمران بن محمد ثم مات سنة ستين وخمسمائة وخلّف ولدين : محمد وأبا السعود ، وتولى أبو الندا بلال بن جرير المحمدى سنة أربع وثلاثين ومات فى سنة سبع وسبعين وخمسمائة عن أولاد رجال منهم : مدافع وياسر ، وهم آخر الدولة.
ويقال فى رواية أخرى : وبعدهم ملك عدن سبأ بن أبى السعود ومحمد بن أبى الغارات ، من بنى زريع ، فكان أحدهم يجبى ما دخل من البر والثانى يجبى ما دخل من البحر ، وكانت البلد بينهما بالسوية ، يأخذ كلّ حقه من المكوسات ، وكان يجرى بين القوم فتنة عظيمة لأجل الماء والحطب وقتال شديد فى الدخل والخرج ، وذلك فى السائلة ، فبقوا على حالهم إلى أن جهز ملك الجزيرة قيس دوانيج وبرمات شبه أبرام النارنجيات ونهابيق ... لأخذ عدن من أربابها ، فلما وصلت الدوانيج أرسوا تحت جبل صيرة وأنفذوا رسولهم إلى بنى زريع ، يعنى أصحاب التعكر والخضراء وقالوا لهم : اعلموا أن ملك كثر أنفذنا على أخذ عدن ، فإن جئتم بالصلح وإلا جئناكم بالفتح ، وهو أقبح ، فقال لهم صاحب حصن الخضراء : أنا عبدكم والبلد بلدكم وولوا فيها من شئتم.
فلما سمع القوم هذه المقالة نزلوا من الدوانيج والبرمات إلى السواحل وقلوبهم آمنة بالأمان والطاعة ، وأنفذ لهم صاحب حصن الخضراء الإضافة التامة ، وأرسل لهم بالدقيق والغنم والنبيذ فخبز القوم وطبخوا ودارت الأقداح بين القوم.
فلما رأى مقدم الجاشو فعل أصحابه قال لهم : كفوا عما أنتم عليه عاكفون ، ولا شك أنها حيلة عليكم أيها الجاهلون! فأنفق عليهم خبزا ولحمّا ونبيذا وجاشوا كما قال :