.................................................................................................
______________________________________________________
وقال الزركشي في «البرهان (١)» : التحقيق أنّها متواترة عن الأئمة السبعة ، أمّا تواترها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ففيه نظر ، فإنّ أسنادهم لهذه القراءات السبع موجود في الكتب وهو نقل الواحد عن الواحد ، انتهى.
قلت : لعلّه أشار إلى قولهم : إنّ ابن كثير أخذ عن عبد الله بن السائب وهو أحد تلامذة ابيّ ولم يقولوا إنّه أخذ عن غيره من تلامذة ابيّ كأبي هريرة وابن عباس ولا عن غيرهم ، فظاهرهم أنّه إنّما نقل عن واحد ولم يقولوا فيه كما قالوا في نافع وغيره انّه أخذ عن جماعة ، ولكن لعلّ ذلك لاشتهار أخذه عنه وإن أخذ عن غيره.
وقال الإمام الرازي (٢) : اتفق الأكثر على أنّ القراءات منقولة بالتواتر ، وفيه إشكال ، لأنّها إن كانت منقولة بالتواتر وأنّ الله خيّر المكلّفين بينها كان ترجيح بعضها على بعض واقعاً على خلاف الحكم الثابت بالتواتر ، فوجب أن يكون الذاهبون إلى ترجيح البعض على البعض مستوجبين للفسق إن لم يلزمهم الكفر ، كما ترى أنّ كلّ واحد من هؤلاء القرّاء يختصّ بنوع معيّن من القراءة ويحمل الناس عليه ويمنعهم عن غيره ، وإن قلنا بعدم التواتر خرج القرآن عن كونه مفيداً للجزم والقطع وذلك باطل قطعاً ، انتهى.
قلت : قد يستأنس لذلك بما نراه من النحويين من نسبة بعضهم بعضاً إلى الغلط مع أنّهم الواسطة في النقل عن العرب ومذاهبهم في النحو كاشفة عن كلام العرب في تلك المسائل والإشكال الذي ذكره جار في ذلك أيضاً فتأمّل ، وسيأتيك التحقيق.
وقال الزمخشري (٣) : إنّ القراءة الصحيحة الّتي قرأ بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّما هي في صفتها وإنّما هي واحدة والمصلّي لا تبرأ ذمّته من الصلاة إلّا إذا قرأ بما وقع فيه الاختلاف على كلّ الوجوه كملك ومالك وصراط وسراط وغير ذلك ، انتهى.
__________________
(١) البرهان في علوم القرآن : ج ١ ص ٣١٩.
(٢) التفسير الكبير للرازي : ج ١ ص ٦٣.
(٣) لم نعثر عليه ، ولكن نقله عنه البحراني في الحدائق الناضرة : في القراءة ج ٨ ص ١٠٢.