وقال الزمخشري : للفاء مع الصفات ثلاثة أحوال :
أحدها : أن تدلّ على ترتيب معانيها في الوجود ، كقوله [من السريع] :
٥٣ ـ يا لهف زيّابة للحارث ال |
|
صّابح فالغانم فالآيب (١) |
أي : الذي صبح فغنم فآب.
والثاني : أن تدلّ على ترتيبها في التفاوت من بعض الوجوه ، نحو قولك : «خذ الأكمل فالأفضل ، واعمل الأحسن فالأجمل».
والثالث : أن تدلّ على ترتيب موصوفاتها في ذلك نحو : «رحم الله المحلّقين فالمقصّرين» ا ه.
البيت لابن زيّابة ، يقول : يا لهف أبي على الحارث إذ صبح قومي بالغارة فغنم فآب سليمان أن لا أكون لقيته فقتلته ، وذلك لأنه يريد : يا لهف نفسي.
والثاني من أوجه الفاء : أن تكون رابطة للجواب ، وذلك حيث لا يصلح لأن يكون شرطا ، وهو منحصر في ست مسائل :
إحداها : أن يكون الجواب جملة اسمية نحو : (وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنعام : ١٧] ، ونحو : (إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١١٨) [المائدة : ١١٨].
الثانية : أن تكون فعليّة كالاسمية ، وهي التي التي فعلها جامد ، نحو : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالاً وَوَلَداً فَعَسى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ) [الكهف : ٣٩ ـ ٤٠] ، (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) [البقرة : ٢٧١] ، (وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً) [النساء : ٣٨] ، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللهِ فِي شَيْءٍ) [آل عمران : ٢٨].
الثالثة : أن يكون فعلها إنشائيّا ، نحو : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) [آل عمران : ٣١] ، ونحو : (فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ) [الأنعام : ١٥٠] ، ونحو : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) (٣٠) [الملك : ٣٠] ، فيه أمران : الاسمية والإنشائية ، ونحو : «إن قام زيد فو الله لأقومنّ» ، ونحو : «إن لم يتب فيا خسره رجلا».
والرابعة : أن يكون فعلها ماضيا لفظا ومعنى ، إما حقيقة نحو : (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ
__________________
(١) البيت من البحر السريع ، وهو لابن زيابة في خزانة الأدب ٥ / ١٠٧ ، والدرر ٦ / ١٦.