وذلك يتعيّن في ثلاثة مواضع :
أحدها : أن يدخل عليها «من» ، وهو كثير كقوله [من الكامل] :
٢٤ ـ فلقد أراني للرّماح دريئة |
|
من عن يميني تارة وأمامي |
ويحتمله عندي : (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) [الأعراف : ١٧] فتقدّر معطوفة على مجرور «من» ، لا على «من» ومجرورها ؛ ...
______________________________________________________
الزمخشري ذكر في «المفصل» أن معنى جلس عن يميني أنه جلس متراخيا بدنه عن بدني في المكان الذي بحيال يميني ، فعلى هذا معنى جلست من عن يمينه جلست من جانب ، وموضع متجاوز عن بدنه حاصل بحيال يمينه ، فيكون المراد بالجانب الجهة التي جاوزت بدنه لا مطلق الجهة فيتحد أصل معنيي عن (وذلك متعين في ثلاثة مواضع :
أحدها أن تدخل عليها من وهو كثير كقوله :
فلقد أراني للرماح دريئة |
|
من عن يميني تارة وأمامي) (١) |
الدريئة حلقة يتعلم عليها الطعن ، قال عمرو بن معد يكرب :
ظللت كأني للرماح دريئة |
|
أقاتل عن أبناء حزم وفرت (٢) |
قال الأصمعي : هي مهموزة كذا في «الصحاح» (ويحتمله عندي ثم (لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) [الأعراف : ١٧] فتقدير) عن (معطوفة على مجرور من) الأول أو الثاني على الخلاف المعروف (لا على من ومجرورها) كما هو ظاهر كلام الجماعة ، قال الزمخشري : فإن قلت : كيف قيل من بين أيديهم ومن خلفهم بحرف الابتداء عن أيمانهم وعن شمائلهم بحرف المجاوزة؟ قلت : المفعول فيه عدي إليه الفعل نحو تعديه إلى المفعول به فكما اختلفت حروف التعدية في ذاك اختلف في هذا ، وكانت لغة فيؤخذ ولا يقاس وإنما يفتش عن صحة موقعها فقط ، فلما سمعناهم يقولون : جلس عن يمينه وعلى يمينه وعن شماله وعلى
__________________
(١) البيت من البحر الكامل ، وهو لقطري بن الفجاءة في ديوانه ص ١٧١ ، وخزانة الأدب ١٠ / ١٥٨ ، وبلا نسبة في أسرار العربية ص ٢٥٥ ، والأشباه والنظائر ٣ / ١٣. ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ج ٧ / ٣٠٣.
(٢) البيت من البحر الطويل ، وهو لعمرو بن معديكرب في ديوانه ص ٧٣ ، ولسان العرب ١ / ٧٤ (درأ) ، وبلا نسبة في كتاب العين ٨ / ٥٩ ، ومجمل اللغة ٢ / ٢٦٤. ا ه. انظر : المعجم المفصل في شواهد اللغة العربية ١ / ٥٤٣.